ولا أنه تعالى عاجز عن ذلك لو أراده ولكن لأنه لا يقول إلا الصدق وقد أخبرنا أن ذلك لا يكون وأنه
لا يرضى لنا الكفر ولا يأمر أن نتخذ إلهين اثنين فلما أخبرنا بذلك منعنا من كونه كما منعنا أن يأتي رسول بعد محمد صلى الله عليه وسلم وكما منعنا من عمارة مكان قفر قد رأيناه غير معمور إلى وقتنا هذا ومن خلاء مدينة قد عهدناها معمورة إلى وقتنا هذا وقد كان في الممكن خلاء تلك المدائن وعمران هذا القفر ولكن الله تعالى لم يرد ذلك إلى الآن فعلى هذا الوجه منعنا أن يأمر بالكفر به لا على أن العقل مانع من جواز ذلك لو شاءه عز وجل قال علي وبرهان ذلك أننا واجدون بالمشاهدة أكثر أنواع الحيوان لم تتعبد بالإيمان بالله عز وجل ولا ركب فيها التمييز الذي لا يعرف الله عز وجل إلا به فلو شاء تعالى أن يجعل الإنسان غير مأمور لفعل ولما كان هنالك شيء يمنعه من ذلك تعالى وجهه ولا يوجب عليه فعل ما فعل ولا بد وهؤلاء الصبيان الذين بلغوا الأربعة عشر عاما ولم يشعروا ولم يحتلموا بإجماع أكثر الأمة بالإيمان أمر إلزام ولا منهيين عن الكفر نهي تحريم فإذا احتلموا لزمهم الإيمان فرضا وحرم عليهم الكفر حتما ولم يكن بين تعريهم من الأوامر والنواهي وبين حلولها عليهم إلا نومة لعلها أقل من مقدار شي بيضة ولم يزد التمييز الذي كان فيهم في تلك النومة شيئا بل هو على حسبه الذي كان عليه قبل أن ينامها ولا فرق هذا شيء يعلم بالحس والمشاهدة يعني تساوي التمييز فيهم في ذينك الوقتين وهذا شيء قد يشهد النص به ولا خلاف فيه بين جمهور أهل الملة التي وضعنا كتابنا هذا في أحكامهم وعبادتهم اختلافهم في معنى براءة من لم يشعر ولم يحتلم ولا حاض إن كان امرأة ولا بلغ خمسة عشر عاما من جميع الأوامر الواردة من الله تعالى ولزومها لمن احتلم وبلغ خمسة عشر عاما مع الاحتلام أو حاض إن