يبلغنا خمسين صلاة قلنا إنما معنى هذا أنه متى بلغنا الأمر لزمنا وبرهان ذلك أن ذلك لا يلزم من لم يخلق حتى يخلق ولا من لم يبلغ حتى يبلغ ولا من لم يأت عليه وقت الصلاة حتى يأتي وقتها هذا ما لا خلاف فيه فصح أن الفرض المذكور إنما هو بعد الخلق وبعد البلوغ وبعد انتهاء الشرع إليه وبعد دخول الوقت وبهذا تتألف الأخبار كلها وبالله تعالى التوفيق برهان ذلك أنه لم يعص قط أحد من المسلمين بتركه الخمسين صلاة ولو وجبت وتركها تارك لكان عاصيا لله تعالى فصح أنه يلزمنا إلا ما بلغنا من الدين وأما من بلغ إليه خبر غير صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم وصححه له متأول أو جاهل أو فاسق لم يعلم هو بفسقه فهذا هو مبلغ فهو إن عمل بما بلغه من ذلك الباطل فمعذور بجهله لا إثم عليه لأنه لم يتجانف لإثم والأعمال بالنيات فهو مجتهد مأجور مرة في قصده بنيته إلى الخير وإلى طاعة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم فلو خالف ما بلغه من ذلك فإنما عليه إثم المستسهل بخلاف الرسول صلى الله عليه وسلم إما بعلمه فقط فهو فاسق وإما بنيته فهو كافر وبالله تعالى التوفيق
وهل على النافي دليل أو لا قال علي قد ذكرنا فيما خلا من هذا الكتاب وفي غيره من كتبنا أنه لا طريق إلى العلم أصلا إلا من وجهين أحدهما ما أوجبته بديهة العقل وأوائل الحس والثاني مقدمات راجعة إلى بديهة العقل وأوائل الحس وقد بينا كل ذلك في غير هذا المكان فأغنى عن ترداده وقد بينا أيضا أن بالمقدمات الصحاح الضرورية المذكورة علمنا صحة التوحيد وصحة نبوة