وقالوا لو كان الإجماع لا يكون إلا عن نص وتوقيف لكان ذلك النص محفوظا لأن الله تعالى قال {إنا نحن نزلنا لذكر وإنا له لحافظون} فلما لم يوجد ذلك النص علمنا أن الإجماع ليس على نص قال أبو محمد وهذا كلام أوله حق وآخره كذب ونحن نقول لا إجماع إلا عن نص وذلك النص إما كلام منه صلى الله عليه وسلم فهو منقول ولا بد محفوظ حاضر وإما عن فعل منه عليه السلام فهو منقول أيضا كذلك
وإما إقراره إذ علمه فأقره ولم ينكره فهي أيضا حال منقولة محفوظة وكل من ادعى إجماعا علمه على غير هذه الوجوه كلفناه تصحيح دعواه في أنه إجماع لا سبيل إلى برهان على ذلك أبدا بأكثر من دعواه وما كان دعوى بلا برهان فهو باطل فإن لجأ إلى ما لا يعرف فيه خلاف
فهو إجماع قلنا له وهذا تدبير من الكذب والدعوى الأفيكة بلا برهان وتمام هذه المسألة إن شاء الله تعالى في باب بعد هذا مفرد لبعض قول من قال إن ما لا يعرف فيه خلاف فهو إجماع ولا قوة إلا بالله العلي العظيم فكيف وفيما ذكرنا ههنا من أنها دعوى بلا برهان كفاية قال أبو محمد وإذا قد بطل كل ما اعترضوا به فلنقل بعون الله تعالى على إيراد البراهين على صحة قولنا قال عز وجل {تبعوا مآ أنزل إليكم من ربكم ولا تتبعوا من دونه أوليآء قليلا ما تذكرون} فأمرنا تعالى أن نتبع ما أنزل ونهانا عن أن نتبع أحدا دونه قطعا فبطل بهذا أن يصح قول أحد لا يوافق النص وبطل