والتفقه فيه كما ذكرنا وقد تأول قوم في قوله تعالى {هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا وما يذكر إلا أولوا الألباب} إن ذلك نزل في قوم
من المنافقين كانوا يعترضون على التنازل من القرآن ويقولون لعله سينزل غدا نسخه فيحملون معنى تأويله على أنه مآله أي لا يعلم النازل من القرآن أينسخ أم لا إله إلا الله تعالى
قال أبو محمد وهذا فاسد لأنه دعوى بلا برهان وما كان هكذا هو باطل بيقين لقول الله تعالى {وقالوا لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى تلك أمانيهم قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين} وتخصيص ما يقتضيه كلام الله تعالى ما لم يقل وكذب عليه نعوذ بالله من هذا وليكن هذا تخصيصا للآية بلا دليل وقد أبطلنا تخصيص الظواهر بلا دليل فيما خلا من كتابنا هذا لأننا الآن قد علمنا ما لكل آية في القرآن وغيرها ما قد نسخ منها وما لم ينسخ بعد أبدا وقال قوم أيضا إن معنى {هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا وما يذكر إلا أولوا الألباب} أي وما يعلم علة نزول الآيات إلا الله قال أبو محمد وهذا أيضا فاسد كالذي قبله لأنه دعوى بلا برهان وتقويل لله ما لم يقل وإخبار عنه تعالى بما لم يخبر به عن نفسه ولأنه لو كان كما ذكروا لكان لنزول الآيات علل لا يعلمها إلا الله عز وجل وقد أبطلنا قول من قال إن الله تعالى يفعل لعلة في باب إبطال العلل من كتابنا هذا وبالله تعالى التوفيق