قوله {هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا ثم استوى إلى السمآء فسواهن سبع سماوات وهو بكل شيء عليم} وأيضا فإن الذي ذكر من توجه الخطاب إلى البالغين العقلاء العالمين بالأمر دون غيرهم فإنما ذلك بنص وارد فيهم فهو عموم لهم كلهم ولم نعن بقولنا بالعموم كل موجود في العالم وإنما عنينا كل من اقتضاه اللفظ الوارد وكل ما اقتضاه الخطاب فعلى هذا قلنا بالعموم وإنما أردنا حمل كل لفظ أتى على ما يقتضي ولو لم يقتض إلا اثنين من النوع فإن ذلك عموم لهما وإنما أنكرنا تخصيص ما اقتضاه اللفظ بلا دليل أو التوقف فيه بلا دليل مثل قوله تعالى {ولا تقتلوا لنفس لتي حرم لله إلا بلحق ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا فلا يسرف في لقتل إنه كان منصورا} فقلنا هذا عموم لكل نفس حرمها الله من إنسان ملي أو ذمي لم يأتنا ما يوجب القتل لهما ومن قتل حيوانا نهي عن قتله إما لتملك غيرنا له أو لبعض الأمر ومثل قوله تعالى {ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من لنسآء إلا ما قد سلف إنه كان فاحشة ومقتا وسآء سبيلا} فإنما أنكرنا استباحة نفس بلا دليل ونكاح ما نكح الآباء ومن خالفنا لزمه ألا ينفذ تحريم قتل نفس إلا بدليل وألا يحرم كثيرا مما نكح الآباء إلا بدليل من غير هذه الآية مبين لكل عين في ذاتها وهذا يخرج إلى الوسواس وإلى إبطال التفاهم وبطلان اللغة وبطلان الدين ومثل قول رسول الله صلى الله عليه وسلم البر بالبر ربا إلا هاء وهاء والشعير بالشعير ربا إلا هاء وهاء والتمر بالتمر ربا إلا هاء وهاء والملح بالملح ربا إلا هاء وهاء والذهب بالذهب ربا إلا هاء وهاء والفضة بالفضة ربا إلا هاء وهاء فوجب حمل كل ذلك على كل بر وكل شعير وكل تمر وكل ملح وكل ذهب وكل فضة وكقوله عليه السلام
كل مسكر حرام فوجب أن يحمل على كل مسكر وكل من تعدى هذا فقد أبطل حكم اللغة وحكم الديانة قال علي وشغبوا أيضا بآيات الوعيد مثل قوله تعالى {وإن لفجار لفي جحيم} {إنآ أنزلنا لتوراة فيها هدى ونور يحكم بها لنبيون لذين أسلموا للذين هادوا ولربانيون ولأحبار بما ستحفظوا من كتاب لله وكانوا عليه شهدآء فلا تخشوا لناس وخشون ولا تشتروا بآياتي ثمنا قليلا ومن لم يحكم بمآ أنزل لله فأولئك هم لكافرون} قالوا وهي