وجب ألا نصرف الألفاظ إلى بعض ما تحتمله من المعاني دون بعض إلا بدليل قالوا وألفاظ الأوامر عندنا من الألفاظ المشتركة التي لا تختص بمعنى واحد لكنها بمنزلة عير ورجل ولون وعين فإن قولك رجل ليس هو بأن يوقع على العضو أولى منه بأن يوقع على جماعة الجراد وقولك عير ليس بأن يوقع على الحمار أولى من أن يوقع على العظم الذي في القدم وقولك عين ليس بأن يوقع على يمين عين النظر أولى من أن يوقع
على عين الماء وقولك لون ليس بأن يوقع على الحمرة أولى من أن يوقع على البياض فكذلك قول القائل افعل لما وجد يراد به الندب ووجد يراد به إيجاب لم يكن إيقاعه على الإيجاب أولى من إيقاعه على الندب إلا بدليل قال علي هذا شغب فاسد وذلك أنا نقول وبالله تعالى التوفيق إن لكل مسمى من عرض أو جسم اسما يختص به يتبين به مما سواه من الأشياء ليقع بها التفاهم وليعلم السامع المخاطب به مراد المتكلم المخاطب له ولو لم يكن ذلك لما كان تفاهم أبدا ولبطل خطاب الله تعالى لنا وقد قال الله تعالى {ومآ أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم فيضل لله من يشآء ويهدي من يشآء وهو لعزيز لحكيم} ولو لم يكن لكل معنى اسم منفرد به لما صح البيان أبدا لأن تخليط المعاني هو الإشكال نفسه فإذن الأصل ما ذكرناه بضرورة العقل وبنص القرآن ثم وجدنا في اللغة أشياء مما ذكروا من أسماء تقع على معان شتى ووجدناها أيضا أسماء يختص كل اسم منها بمسماه فقط وعلمنا أن المراد باللغة إنما هو الإفهام لا الإشكال لزمنا أن نلزم الأصل الذي هو اختصاص كل معنى باسمه دون أن يشاركه فيه غيره حتى يصح عندنا أن هذا الاسم مرتب بخلاف هذه الرتبة وأنه مما لا يقع به بيان فيطلب بيانه حينئذ من غيره قال علي والذي شبهوا به الأوامر من الأسماء المشتركة التي ذكروا مثل لون وعير ورجل تشبيه فاسد ضرورة وذلك أن المخاطب إذا خاطبنا بخبر ما