الباب الأربعون وهو باب الكلام في الاجتهاد ما هو وبيانه ومن هو معذور باجتهاده ومن ليس معذورا به ومن يقطع على أنه خطأ عند الله تعالى فيما أراد إليه اجتهاده ومن لا يقع على أنه مخطىء عند الله عز وجل وإن خالفناه قال أبو محمد علي بن أحمد رحمه الله لفظة الاجتهاد مما يجب معرفة تفسيرها لأن أكثر المتكلمين في الاجتهاد وحكمه لا يعلمون معنا فنقول وبالله تعالى التوفيق إن حقيقة بناء لفظة الاجتهاد أنه افتعال من الجهد وحقيقة معناها أنه استنفاد الجهد في طلب الشيء المرغوب إدراكه حيث يرجى وجوده فيه أو حيث يوقن بوجوده فيه هذا مالا خلاف بين أهل اللغة فيه والجهد بضم الجيم الطاقة والقوة تقول هذا جهدي أي طاقتي وقوتي والجهد بفتح الجيم سوء الحال وضيقتها تقول القوم في جهد أي في سوء حال فإذ ذلك كذلك فالاجتهاد في الشريعة هو استنفاد الطاقة في طلب حكم النازلة حيث يوجد ذلك الحكم ما لا خلاف بين أحد من أهل العلم بالديانة فيه قال أبو محمد وإنما قلنا في تفسير الاجتهاد العام حيث يرجى وجوده فعلقنا الطلب بمواضع الرجاء وقلنا في تفسير الاجتهاد في الشريعة حيث يوجد ذلك الحكم فلم نعلقه بالرجاء لأن احكام الشريعة كلها متيقن أن الله تعالى قد بينها بلا خلاف ومن قال إن الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم لم يبن لنا الشريعة التي أراها الله تعالى منا وألزمنا إياها فلا خلاف في أنه كافر فأحكام الشريعة كلها مضمونة الوجود لعامة العلماء وإن تعذر وجود بعضها على بعض الناس فمحال ممتنع أن يتعذر وجوده على كلهم لأن الله تعالى لا يكلفنا ما ليس في وسعنا ما نعذر وجوده على الكل فلم يكلفنا الله تعالى إياه