وأما
السبب فهو كل أمر فعل المختار فعلا من أجله لو شاء لم يفعله كغضب أدى إلى انتصار فالغضب سبب الانتصار ولو شاء المنتصر ألا ينتصر لم ينتصر وليس السبب موجبا للشيء المسبب منه ضرورة وهو قيل الفعل المتسبب منه ولا بد وأما الغرض فهو الأمر الذي يجري إليه مفاعل ويقصده ويفعله وهو بعد الفعل ضرورة فالغرض من الانتصار إطفاء الغضب وإزالته وإزالة الشيء هي شيء غير وجوده وإزالة الغضب غير الغضب والغضب هو السبب في الانتصار وإزالة الغضب هو الغرض في الانتصار فصح أن كل معنى مما ذكرنا غير المعنى الآخر فالانتصار بين الغضب وبين
إزالته وهو مسبب للغضب وإذهاب الغضب هو الغرض منه وأما العلامة فهي صفة يتفق عليها الإنسانان فإذا رآها أحدهما علم الأمر الذي اتفقا عليه ومثل قول رسول الله صلى الله عليه وسلم لابن مسعود إذنك على أن يرفع الحجاب وأن تستمع سوادي حتى أنهاك فكان رفع الحجاب واستماع حركة الني صلى الله عليه وسلم علامة الإذن لابن مسعود وكقوله صلى الله عليه وسلم إني لأعرف أصوات رفقة الأشعريين بالقرآن حين يدخلون بالليل وأعرف منازلهم من أصواتهم بالقرآن بالليل وإن كنت لم أر منازلهم حين نزلوا بالنهار فكانت أصوات الأشعريين بالقرآن علامة لموضع نزولهم ومن هذا أخذت الأعلام الموضوعة في الفلوات لهداية الطريق والأعلام في الجيوش لمعرفة موضع الرئيس