وقال بعضهم هذا قياس منكم فإنكم ترومون إبطال القياس بالقياس فأنتم كالذين يرومون إبطال حجة العقل بحجة العقل قال أبو محمد فيقال لهم وبالله تعالى التوفيق لم نحتج عليكم بهذا تصويبا منا له ولا للقياس لكن أريناكم أن قولكم بالقياس ينهدم بالقياس ويبطل بعضه بعضا وليس في العالم أفسد من قول من يفسد بعضه بعضا فأنتم إذا أقررتم بصحة القياس فنحن نلزمكم ما التزمتم به ونحجكم به لأنكم مصوبون له مصدقون لشهادته وهو قولكم بالفساد وعلى مذاهبكم بالتناقض أقررتم به أو أنكرتموه وأما نحن فلم نصوبه قط ولا قلنا به فهو يلزمكم ولا يلزمنا وكل أحد فإنما يلزمه ما التزم ولا يلزم خصمه كما أن أخبار الآحاد المتصلة بنقل الثقات لازم لنا للاحتجاج بها علينا في المناظرة ولا نلزم من أنكرها فمن ناظرنا بها لم ندفعه عما يلزمنا بها وهذا هو فعلنا بكم في القياس وأما تشبيهكم إيانا في ذلك بمن جنح في إبطال حجة العقل بحجة العقل فتشبيه فاسد لأن المحتج علينا في إبطال حجة العقل لا يخلو من أحد وجهين إما أن يصوب ما يحتج به ويحققه فقد تناقض أو يبطل ما يأتي به فقد كفانا مؤنته ولسنا نحن كذلك في احتجاجنا عليكم بالقياس لكنا نقول لكم إن كان القياس حقا عندكم فإنه يلزمكم منه كذا وكذا وليس يقول لنا المبطلون لحجج العقول هكذا لكنهم محققون لما يحتجون به فيتناقضون إذا حققوا ما أبطلوا كما تناقضتم أنتم في إبطالكم ما حققتموه من نتائج
القياس فطريقكم هي طريقهم ونحن نقول إن هذا الذي نعارضكم به من القياس أنتم التزمتم حكمه وهو عندنا باطل كقولكم سواء بسواء فإن التزمتموه أفسد قولكم وإن أبيتموه فكذلك لأنكم
تقرون حينئذ بإبطال ما قد صوبتموه ولا فساد