كحكم النصف والنصف حلال فسائر الأجزاء حلال وهذا برهان متيقن لا يجوز خلافه وبالله تعالى التوفيق وأيضا فإن
المتعاقدين على النصف والنصف فقد تعاقدا على ما دون النصف بدخول ذلك في النصف فإذا اقتصر أحدهما على بعض ماله أن يعاقد عليه مع سائره فذلك جائز له بالنص المجيز له أن يعاقد على ما دون النصف مع قوله تعالى {وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم إلا أن يعفون أو يعفوا لذي بيده عقدة لنكاح وأن تعفوا أقرب للتقوى ولا تنسوا لفضل بينكم إن لله بما تعملون بصير} فتجافيه عن بعض ماله أن يشترطه فضل منه
واحتجوا بقيم المتلفات ومهر المثل ومقدار المتعة والنفقات وإن كل ذلك لا نص فيه قالوا فوجب الرجوع إلى القياس قال أبو محمد وهذا لا حجة لهم فيه البتة ولا للقياس هنا مدخل أصلا لأنه ليس ههنا شيء آخر منصوص عليه يقيسون عليه هذه الأشياء وهذا هو القياس عندهم فبطل تمويههم إن هذا القياس وما هو إلا نص جلي لا داخلة فيه وهو قول الله تعالى {لشهر لحرام بلشهر لحرام ولحرمات قصاص فمن عتدى عليكم فعتدوا عليه بمثل ما عتدى عليكم وتقوا لله وعلموا أن لله مع لمتقين} فهل في البيان أكثر من هذا وهل هذا إلا نص على كل قصة وجب فيها ضمان المثل فأي معنى للقياس فيمن أتلف الآخر ثوبا قيمته دينار فقضى عليه بثوب مثله فإن لم يوجد فمثله من القيمة في سوق البلد الذي وقع فيه الغصب أو الذي وقع فيه الحكم وكذلك امرأة وجب لها مهر مثلها بالنص فعلم مقدار ما تطيب به نفس مثلها في المعهود الذي أحالنا الله تعالى عليه على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم وكذلك نص الرسول صلى الله عليه وسلم على أن للأزواج والأقارب والمماليك النفقة والكسوة بالمعروف وساوى في ذلك بين الأقارب وبين من ذكرنا وأحالنا على المعروف والمعروف هو غير المنكر فهو ما تعارفه الناس في نفقات من ذكرنا وما فيه مصالحهم