واحتج بعضهم بقول الله تعالى {هو لذي أنزل عليك لكتاب منه آيات محكمات هن أم لكتاب وأخر متشابهات فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه بتغاء لفتنة وبتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا لله ولراسخون في لعلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا وما يذكر إلا أولوا لألباب} قال أبو محمد وجمجم هذا المحتج ولم يصرح على ههنا أشياء من القرآن مفتقرة إلى القياس قال أبو محمد وهذا كلام يسيء الظن بمعتقد قائله ولا قول أسوأ من قول من قال إن الله تعالى شبه على عباده فيما أراد منهم وفيما كلفهم وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يبين تلك الأشياء وتركها مهملة واحتاجوا فيها إلى قياسهم الفاسد وقد بينا الكلام في باب مفرد في ديواننا هذا وأخبرنا أنه لا يحل لأحد أن يتبع متشابه القرآن ولا أن يطلب معنى ذلك المتشابه وليس إلا الإقرار به وأنه من عند الله تعالى كما قال عز وجل في آخر الآية المذكورة {هو لذي أنزل عليك لكتاب منه آيات محكمات هن أم

لكتاب وأخر متشابهات فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه بتغاء لفتنة وبتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا لله ولراسخون في لعلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا وما يذكر إلا أولوا لألباب} وأخبر تعالى فيها فقال {هو لذي أنزل عليك لكتاب منه آيات محكمات هن أم لكتاب وأخر متشابهات فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه بتغاء لفتنة وبتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا لله ولراسخون في لعلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا وما يذكر إلا أولوا لألباب} فنص تعالى على أن من طلب تأويل المتشابه فهو زائغ القلب مبتغي فتنة

ونحن نبرأ إلى الله من هذه الصفة فثبت بالنصوص ضرورة أن تأويل المتشابه لا يعلمه أحد إلا الله عز وجل وحده فقط لأن ابتغاء معرفته حرام وما حرم ابتغاء معرفته فقد سد الباب دون معرفته ضرورة إذ لا يوصل إلى شيء من العمل إلا بعد ابتغائه فما حرم ابتغاؤه فلا سبيل إلى الوصول إليه وهذا بين لا خفاء فيه وطرق المعارف معروفة محصورة وهي الحواس والعقل اللذان ركبهما الله في المتعبدين من الحيوان وهم الملائكة والجن ومن وضع من ذلك فيه شيء من الإنس ثم ما أمر الله بتعرفه وتعرف حكمه فيه مما جاء من عنده عز وجل وهو القرآن والسنة فقط وهذه كلها طرق أمرنا بسلوكها والاستدلال بها وقد نهينا عن طلب معنى المتشابه فصح أنه لا يوصل إلى معرفة معناه من جهة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015