كان في زكاة السائمة فائدة وجعل ههنا ذكره صلى الله عليه وسلم الإبار لا لفائدة وجعله كترك الإبار فبان اضطراب هؤلاء القوم جملة وبالله تعالى التوفيق واحتج الطحاوي في إسقاط الزكاة عما أصيب في أرض الخراج بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم منعت العراق قفيزها ودرهمها الحديث قال فلو كان في أرض الخراج شيء غير الخراج لذكره صلى الله عليه وسلم قال أبو محمد فيقال للطحاوي أرأيت إن قال لك قائل إن قوله صلى الله عليه وسلم فيما سقت السماء العشر دليل على أن لا خراج على شيء من الأرض لأنه لو كان فيها خراج لذكره في هذا الحديث فإن قال قد ذكر الخراج في الحديث الذي قدمنا آنفا قيل له وقد ذكر العشر ونصف العشر في الحديث الذي ذكر آنفا فإن قال قائل ما تقولون في خطاب ورد من الله تعالى أو رسوله صلى الله عليه وسلم معلقا بشرط قيل له ينظر أتقدمت ذلك الخطاب جملة حاظرة لما أباح ذلك الخطاب أو مبيحة لما حظر أم لم يتقدمه جملة
بشيء من ذلك لكن تقدمت جملة تعمه وتعم معه غيره موافقة لما في ذلك النص ولا بد من أحد هذه الوجوه لأن الجملة التي نص عليها بقوله تعالى {هو لذي خلق لكم ما في لأرض جميعا ثم ستوى إلى لسمآء فسواهن سبع سماوات وهو بكل شيء عليم} مبيحة عامة لا يشذ عنها إلا ما نص عليه وفصل
بالتحريم فلا سبيل إلى خروج شيء من النصوص عن هذه الجملة ولا بد لكل نص ورد من أن يكون مذكورا فيه بعض ما فيها بموافقة أو يكون مستثنى منها بتحريم فإن وجدنا النص الوارد وقد تقدمته جملة مخالفة له استثنيناه منها وتركنا سائر تلك الجملة على حالها ولم نحظر إلا ما حظر ذلك النص فقط ولم نبح إلا ما أباح فقط ولم نتعده وإن وجدناه موافقا