وقالوا إن قول رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما الولاء لمن أعتق دليل على أن ولاء لمن لم يعتق قال أبو محمد وليس كما ظنوا ولكن لما كان الأصل أن لا ولاء لأحد على أحد بقوله تعالى {يابني آدم قد أنزلنا عليكم لباسا يواري سوءاتكم وريشا ولباس لتقوى ذلك خير ذلك من آيات لله لعلهم يذكرون} وبقوله تعالى {بل عجبوا أن جآءهم منذر منهم فقال لكافرون هذا شيء عجيب} وبقوله صلى الله عليه وسلم كل المسلم على المسلم حرام ثم جاء الحديث المذكور وجب به الولاء لمن أعتق وبقي من لم يعتق على ما كان عليه مذ خلق من أن لا ولاء لأحد عليه إلا من أوجب عليه الإجماع المنقول المتيقن إلى حكم النبي صلى الله عليه وسلم ولولا مثل من تناسل من المعتق من أصلاب أبنائه الذكور من كل من يرجع إليه نسبه ممن حمل به بعد الولاء المنعقد على الذي ينتسب إليه كأسامة بن زيد وغيره ولولا قوله صلى الله عليه وسلم إنما الولاء لمن أعتق ما وجب المعتق ولاء على المعتق لأن ذلك إيجاب شريعة وشرط والشرائع لا تكون إلا بإذن من الله تعالى على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم وكل شرط ليس في كتاب الله تعالى فهو باطل ووجدنا هذا الحديث الذي احتجوا به لم يمنع من وجوب الولاء لغير من أعتق مثل ما ذكرنا من وجوب ولاء ولد المعتق ولم يعتقه أحد ولا ولدته أمه ولا حمل به إلا وهو حر لولد معتق أبيه وهو لم يعتقه قط ولا ملكه قط ولا أعتق أباه ولا جده ولا ملكهما قط ولا أعتقه أبو هذا الذي ولاؤه الآن ولا جده ولا ملكاه قط فبطل ما ادعوه من القول بدليل الخطاب ومن أعجب الأشياء أن هؤلاء المحتجين بهذا الحديث في تصحيح الحكم بدليل الخطاب هم أشد
الناس نقضا لأصولهم في ذلك وهدما لما احتجوا به لأنهم قد حكموا بالولاء لغير المعتق على من لم يعتق قط بلا دليل لا من نص ولا من إجماع لكن تحكما فاسدا فأوجبت طوائف منهم أن الولاء يجزىء العم والجد إذا أعتقا وأوجبوه ينتقل كانتقال الكرة في اللعب بها وقد