الاحكام الوسطي (صفحة 864)

رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأبغضتهم فتحولت إلى شجرة أخرى، وعلقوا سِلاَحَهُمْ واضطجعوا، فبينما هم كذلك إذ نادى منادٍ من أسفل الوادي: يا للمهاجرين قتل ابن زنيم، فاخترطت سيفي ثم شددت على أولئك الأربعة وهم رقود فأخذت سلاحهم فجعلته ضِغثًا في يدي، ثم قلت: والذي كرم وجه محمد - صلى الله عليه وسلم - لا يرفع أحد منكم رأسه إلَّا ضربت الذي فيه عيناه، ثم جئت بهم أسوقهم إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال: وجاء عمي عامر برجل من الْعَبَلاَتِ يقال له مِكْرَز يقوده إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على فرس مُجَفَّفٍ في سَبْعين من المشركين، فنظر إليهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "دَعُوهُمْ يَكْنُ لهم بَدْءُ الفجور وثنَاهُ" فعَفَا عنهم رسول

الله - صلى الله عليه وسلم -، وأنزل الله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ. . .} الآية كلها، قال: ثم خرجنا راجعين إلى المدينة فنزلنا منزلًا بيننا وبين بني لحيان جبل وهم المشركون، فاستغفر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لمن رَقِيَ هذا الجبل الليلة كأنه طليعة للنبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه، قال سلمة: فرقيت تلك الليلة مرتين أو ثلاثًا ثم قدمنا المدينة، فبعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بظهره مع رباح غلام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنا معه، وخرجت معه بفرس طلحة أُنَدِّيه مع الظهر، فلما أصبحنا إذا عبد الرحمن الفزاري قد أغار على ظهر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فاستاقه أجمع وقتل راعيه، قال: فقلت: يا رباح خذ هذا الفرس فأبلغه طلحة بن عبيد الله، وأخبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن المشركين قد أغاروا على

سرحه، قال: ثم قمت على أكمة فاستقبلت المدينة فناديت ثلاثًا: يا صباحاه، ثم خرجت في أثار القوم أرميهم بالنبل وأرتجز أقول:

أنا ابن الأكوع ... واليوم يوم الرضع

فألحق رجل منهم فأصكه سهمًا في رَحْلِهِ حتى خلص نصل السهم إلى كتفه، قال: قلت: خذها وأنا ابن الأكوع واليوم يوم الرضع، قال: فوالله ما زلت أرميهم وأعقر بهم فإذا رجع إليَّ فارس أتيت شجرة فجلست في أصلها، ثم رميته فعقرت به حتى إذا تضايق الجبل فدخلوا في تضايقه، علوت الجبل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015