وعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -:" لَا قُدِّسَتْ أُمَّةٌ لَا تَأْخُذُ لِضَعِيفِهَا حَقَّهُ مِنْ قَوِيِّهَا غَيْرَ مُتَعْتَعٍ " (?)
وعَنِ الْبَرَاءِ، قَالَ: «أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِاتِّبَاعِ الْجَنَائِزِ، وَعِيَادَةِ الْمَرْضَى، وَتَشْمِيتِ الْعَاطِسِ، وَإِبْرَارِ الْمُقْسِمِ، وَنُصْرَةِ الْمَظْلُومِ، وَإِفْشَاءِ السَّلَامِ، وَإِجَابَةِ الدَّاعِي». (?)
وكل هذا من المعلوم من الإسلام بالضرورة القطعية، فإنما أرسل الله رسله وأنزل كتبه كما قال تعالى: {لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ} [الحديد:25].
فالظلم محرما مطلقا ويجب تغييره، والعدل واجب مطلقا ويجب تحقيقه.
ومن نظر في أحوال العرب اليوم وشيوع الظلم والتظالم بينهم، وما يجري في السجون والمحاكم من ظلم في الأحكام، وما يجري في الوظائف الإدارية من ظلم في الاستحقاق، وما يحدث في دولهم من ظلم سياسي طبقي وفئوي يدرك سبب ضعفهم وانحطاط أحوالهم وتسلط عدوهم عليهم، وهي نتيجة للظلم واستشرائه بينهم، كما في الحديث الصحيح عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَنَّ قُرَيْشًا أَهَمَّهُمْ شَأْنُ المَرْأَةِ المَخْزُومِيَّةِ الَّتِي سَرَقَتْ، فَقَالُوا: وَمَنْ يُكَلِّمُ فِيهَا رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -؟ فَقَالُوا: وَمَنْ يَجْتَرِئُ عَلَيْهِ إِلَّا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، حِبُّ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَكَلَّمَهُ أُسَامَةُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -:" أَتَشْفَعُ فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ، ثُمَّ قَامَ فَاخْتَطَبَ، ثُمَّ قَالَ: إِنَّمَا أَهْلَكَ الَّذِينَ قَبْلَكُمْ، أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ، وَإِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الضَّعِيفُ أَقَامُوا عَلَيْهِ الحَدَّ، وَايْمُ اللَّهِ لَوْ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ لَقَطَعْتُ يَدَهَا " (?)
ولا يشك من يعرف أحكام الله وسننه الشرعية والقدرية أن ما عليه العرب اليوم من ذل وهوان هو من العقوبة والعذاب بسبب سكوتهم عن الظلم الذي ضجت منه الأرض والسماء، وعدم أخذهم على يد الظالم، حتى عمهم العقاب والخذلان، وكما قال شيخ