وقَالَ مَالِكٌ: وَإِذَا كَانَ الْإِمَامُ عَدْلًا مِثْلَ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فَلَا يُخْرِجُ أَحَدٌ زَكَاتَهُ حَتَّى يَأْتِيَهُ الْمُصَدِّقُ. فَإِنْ أَتَاهُ فَقَالَ قَدْ أَدَّيْتهَا لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ وَلْيَأْخُذْهُ بِهَا. وَقَالَ أَشْهَبُ: لَا شَيْءَ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يُتَّهَمَ بِمَنْعِ الزَّكَاةِ.

قَالَ مَالِكٌ: وَإِنْ كَانَ الْإِمَامُ غَيْرَ عَدْلٍ فَلْيَضَعْهَا مَوَاضِعَهَا إنْ خَفِيَ لَهُ ذَلِكَ وَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يَهْرُبَ بِهَا عَنْهُمْ إنْ قَدَرَ، فَإِنْ خَافَ أَنْ يَأْتُوهُ وَلَمْ يَقْدِرْ أَنْ يُخْفِيَهَا عَنْهُمْ فَلْيُؤَخِّرْ ذَلِكَ حَتَّى يَأْتُوهُ فَإِنْ أَخَذُوهَا مِنْهُ أَجْزَأَهُ" (?)

فأبطل الإمام مالك بيعة من أكره الناس على بيعته وأخذ السلطة بالقوة، وأبطل ولايته، وإنما ولايته على الناس ولاية جبرية قهرية بحكم الواقع لا بحكم الشارع، ولها أحكام الاضطرار، فإن قام عدل ينازعه فالبيعة للعدل!

ولشهرة هذا الخلاف بين أئمة أهل السنة قال العلامة المعلمي: (" كان أبو حنيفة يستحب أو يوجب الخروج على خلفاء بني العباس لما ظهر منهم من الظلم ويرى قتالهم خيراً من قتال الكفار، وأبو إسحاق ينكر ذلك، وكان أهل العلم مختلفين في ذلك فمن كان يرى الخروج يراه من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والقيام بالحق، ومن كان يكرهه يرى أنه شق لعصا المسلمين وتفريق لكلمتهم وتشتيت لجماعتهم وتمزيق لوحدتهم وشغل لهم بقتل بعضهم بعضاً، فتهن قوتهم وتقوى شوكة عدوهم وتتعطل ثغورهم، فيستولي عليها الكفار ويقتلون من فيها من المسلمين ويذلونهم وقد يستحكم التنازع بين المسلمين فتكون نتيجة الفشل المخزي لهم جميعاً .....

هذا والنصوص التي يحتج بها المانعون من الخروج والمجيزون له معروفة، والمحققون يجمعون بين ذلك بأنه إذا غلب على الظن أن ما ينشأ عن الخروج من المفاسد أخف جداً مما يغلب على الظن أنه يندفع به جاز الخروج وإلا فلا. وهذا النظر قد يختلف فيه المجتهدان ... ") (?)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015