إن الدعوة إلى الله ليست تجارة قصيرة الأجل إما أن تربح ربحا معينا محددا في هذه الأرض، وإما أن يتخلى عنها أصحابها إلى تجارة أخرى أقرب ربحا وأيسر حصيلة! والذي ينهض بالدعوة إلى الله في المجتمعات الجاهلية - والمجتمعات الجاهلية هي التي تدين لغير الله بالطاعة والاتباع في أي زمان أو مكان - يجب أن يوطن نفسه على أنه لا يقوم برحلة مريحة، ولا يقوم بتجارة مادية قريبة الأجل! إنما ينبغي له أن يستيقن أنه يواجه طواغيت يملكون القوة والمال ويملكون استخفاف الجماهير حتى ترى الأسود أبيض والأبيض أسود! ويملكون تأليب هذه الجماهير ذاتها على أصحاب الدعوة إلى الله، باستثارة شهواتها وتهديدها بأن أصحاب الدعوة إلى الله يريدون حرمانها من هذه الشهوات! .. ويجب أن يستيقنوا أن الدعوة إلى الله كثيرة التكاليف، وأن الانضمام إليها في وجه المقاومة الجاهلية كثير التكاليف أيضا. وأنه من ثم لا تنضم إليها - في أول الأمر - الجماهير المستضعفة، إنما تنضم إليها الصفوة المختارة في الجيل كله، التي تؤثر حقيقة هذا الدين على الراحة والسلامة، وعلى كل متاع هذه الحياة الدنيا. وأن عدد هذه الصفوة يكون دائما قليلا جدا. ولكن الله يفتح بينهم وبين قومهم بالحق، بعد جهاد يطول أو يقصر. وعندئذ فقط تدخل الجماهير في دين الله أفواجا. (?)

-------

وأخيرا نقول:

إن أعداء الثورة السورية كثر في الداخل والخارج ولكن هذا أمر طبيعي في الصراع بين الحق والباطل، وهذه الثورة المباركة سوف تغربل الناس، فلا يبقى ثابتاً فيها إلا أخيار الناس الذين هم أخيار الشام، فعَنْ عُقَيْلٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي مَكْحُولٌ، أَنَّ رَجُلًا، مِنْ بَنِي حَوَالَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: «سَيَكُونُ جُنْدٌ بِالْعِرَاقِ , وَجُنْدٌ بِالشَّامِ , وَجُنْدٌ بِالْيَمَنِ» , قَالَ: فَقُلْتُ: اخْتَرْ لِي يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ كَانَ ذَلِكَ , قَالَ: «عَلَيْكَ بِالشَّامِ , فَإِنَّهَا صَفْوَةُ اللَّهِ مِنْ أَرْضِهِ , يَجْتَبِي إِلَيْهَا صَفْوَتَهُ مِنْ عِبَادِهِ» (?)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015