عَنْ سَبِيلِكَ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ} [يونس:88]
وهو حال الأنظمة الملكية والوراثية في عالمنا العربي اليوم فهي تقوم بشراء الناس وشراء ولائهم بالأموال، وفتنتهم بالزينة، وسحرهم وتضليلهم برجال الدين وبالأدباء والشعراء والخطباء، وإرهابهم بالسجن والتعذيب والقتل، لينشأ بعد ذلك أجيال تستمرئ العبودية، وترفض الحرية، كما حصل لقوم موسى على يد فرعون وملئه، حين قال موسى لفرعون {وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّهَا عَلَيَّ أَنْ عَبَّدْتَ بَنِي إِسْرَائِيلَ} [الشعراء:22]، {فَقَالُوا أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنَا وَقَوْمُهُمَا لَنَا عَابِدُونَ} [المؤمنون:47]،قال ابن جرير الطبري في تفسيره:" {لَنَا عَابِدُونَ} [المؤمنون:47] يَعْنُونَ أَنَّهُمْ لَهُمْ مُطِيعُونَ مُتَذَلِّلُونَ، يَأْتَمِرُونَ لَأَمْرِهِمْ , وَيَدِينُونَ لَهُمْ وَالْعَرَبُ تُسَمِّي كُلَّ مَنْ دَانَ لِمَلِكٍ عَابِدًا لَهُ، وَمِنْ ذَلِكَ قِيلَ لِأَهْلِ الْحِيرَةِ: الْعِبَادُ، لِأَنَّهُمْ كَانُوا أَهْلَ طَاعَةٍ لِمُلُوكِ الْعَجَمِ " (?)
فلما دعاهم موسى ليحررهم من عبوديتهم لفرعون وطاعتهم له وللملأ من قومه، رفض بنو إسرائيل حتى قال شيوخهم وكبارهم {قَالُوا أُوذِينَا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنَا وَمِنْ بَعْدِ مَا جِئْتَنَا قَالَ عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ} [الأعراف:129]
ولهذا لم يؤمن مع موسى ويخرج عن طاعة فرعون إلا بعض الشباب الفتية كما قال تعالى: {فَمَا آمَنَ لِمُوسَى إِلَّا ذُرِّيَّةٌ مِنْ قَوْمِهِ عَلَى خَوْفٍ مِنْ فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِمْ أَنْ يَفْتِنَهُمْ وَإِنَّ فِرْعَوْنَ لَعَالٍ فِي الْأَرْضِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الْمُسْرِفِينَ} [يونس:83]
وهو حال الشعوب العربية التي تم تعبيدها عقودا طويلة للأنظمة الوراثية، حتى لم تعد تعرف معنى الكرامة والحرية، ولا تعرف حقيقة الشرك والوثنية، ولهذا كانت أضعف من أن تثور، فضلا عن أن ترفع شعار (الشعب يريد إسقاط النظام)،فهي أحوج ما تكون إلى