تذكر من ظلمت، من قتلت بغير حق، من أكلت ماله، أو انتهكت حرماته، أنت وأزلامك وأتباعك
تذكر أيها المفلس الحقيقي، {وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَى مَا أَنْفَقَ فِيهَا وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَدًا (42) وَلَمْ تَكُنْ لَهُ فِئَةٌ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مُنْتَصِرًا (43) هُنَالِكَ الْوَلَايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ هُوَ خَيْرٌ ثَوَابًا وَخَيْرٌ عُقْبًا (44)} [الكهف]
وَأَحَاطَتِ الكَوَارِثُ بِثِمَارِ جَنَّتِهِ الَّتِي يَقُولُ إِنَّهُ لاَ يَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ أَبَداً، وَحَلَّ بِهَا مَا كَانَ يُحَذِّرُهُ مِنْهُ صَاحِبُهُ المُؤْمِنُ، مِنْ دَمَارٍ وَغَوْرِ مَاءٍ {وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ}،فَأَصْبَحَتِ الجّنَّةُ بَلْقَعاً يَبَاباً خَاوَيَةً عَلَى عُرُوشِهَا، فَأَخَذَ يَضْرِبُ كَفّاً بِكَفٍّ أَسَفاً وَنَدَماً وَحُزْناً عَلَى مَا حَلَّ بِهَا، وَعَلَى مَا أَنْفَقَ عَلَيْهَا مِنْ مَالٍ، وَيَقُولُ: يَا لَيْتَنِي ثُبْتُ لِرُشْدِي فَلَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَداً.
وَلَمْ تَكُنْ لَهُ جَمَاعَةٌ (فِئَةٌ) مِنْ عَشِيرَةٍ، أَوْ أَهْلٍ، وَوَلَدٍ، مِمَّنْ كَانَ يَفْتَخِرُ بِهِمْ، وَيَغْتَرٌّ، يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَهُ، وَمَنْعَ مَا أَرَادَهُ اللهُ بِهِ. وَبِجَنَّتَيْهِ مِنْ خَرَابٍ وَدَمَارٍ، وَمَا كَانَ مُنْتَصِراً بِقُوَّتِهِ عَنِ انْتِقَامِ اللهِ مِنْهُ.
وَفِي مِثْلِ هذِهِ الحَالِ مِنَ الشَّدَائِد وَالمِحَنِ، تَكُونُ المُوَالاَةُ، وَتَكُونُ النُّصْرَةُ للهِ وَحْدَهُ. وَفِي الشَّدَائِدِ يَرْجِعُ النَّاسُ إِلَى اللهِ تَعَالَى، يُعْلِنُونَ خُضُوعَهُمْ وَاعْتِرَافَهُمْ بِرُبُوبِيَّتِهِ، فَهُوَ خَيْرُ مَنْ أَثَابَ، وَخَيْرُ مَنْ جَازَى. وَالأَعْمَالُ التِي تَكُونُ خَالِصَةً للهِ عَزَّ وَجَلَّ، تَكُونُ عَاقِبَتُهَا خَيْراً وَرَشَداً لِفَاعِلِيهَا. (?)
وهو مشهد شاخص كامل: الثمر كله مدمر كأنما أخذ من كل جانب فلم يسلم منه شيء. والجنة خاوية على عروشها مهشمة محطمة. وصاحبها يقلب كفيه أسفا وحزنا على ماله الضائع وجهده الذاهب. وهو نادم على إشراكه بالله، يعترف الآن بربوبيته ووحدانيته. ومع أنه لم يصرح بكلمة الشرك، إلا أن اعتزازه بقيمة أخرى أرضية غير قيمة الإيمان كان شركا ينكره الآن، ويندم عليه ويستعيذ منه بعد فوات الأوان. هنا يتفرد الله بالولاية