فإن كان هذا كله لله فهم في دين الله. وإن كان لغير الله - معه أو من دونه - فهم في دين الطواغيت والأصنام .. والعياذ بالله .. ! (?)
وقال تعالى: {وَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لَئِنِ اتَّبَعْتُمْ شُعَيْبًا إِنَّكُمْ إِذًا لَخَاسِرُونَ (90) فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ (91) الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْبًا كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْبًا كَانُوا هُمُ الْخَاسِرِينَ (92) فَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ فَكَيْفَ آسَى عَلَى قَوْمٍ كَافِرِينَ (93)} [الأعراف: 90 - 93]
قَالَ الكُبَرَاءُ الكَافِرُونَ مِنْ قَوْمِ شُعَيْبٍ، لِمَنْ حَوْلَهُمْ مِنْ قَوْمِهِمْ: لَئِنِ اتَّبَعْتُمْ شُعَيباً فِيمَا يَقُولُ، وَفِيمَا جَاءَكُمْ بِهِ، وَأَقْرَرْتُمْ بِنُبُوَّتِهِ، وَآمَنْتُمْ بِمَا آمَنَ بِهِ، وَكَفَرْتُمْ بَأَصْنَامِكُمْ. . وَبِمَا كَانَ عَلَيهِ آبَاؤُكُمْ مِنْ دِينٍ وَعَادَاتٍ، كُنْتُمْ خَاسِرِينَ.
وَقَالَ تَعَالَى فِي آيَةٍ أُخْرَى: " وَلَمَّا جَآءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا شُعَيْباً والذين آمَنُواْ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِّنَّا وَأَخَذَتِ الذين ظَلَمُواْ الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُواْ فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ " فَاهْتَزَّتْ بِهِمُ الأَرْضَ بِفِعْلِ زَلْزَلَةٍ شَدِيدَةْ، فَأَصْبَحُوا هَالِكِينَ فِي دِيَارِهِمْ لاَ حَرَاكَ بِهِمْ، وَهُمْ مُكِبُّونَ عَلَى وُجُوهِهِمْ.
ثُمَّ بَيَّنَ اللهُ تَعَالَى العَاقِبَةَ التِي صَارَ إِلَيْهَا قَوْمُ شُعَيبٍ، فَقَدْ هَلَكَ الذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْباً، فَلَمْ يَبْقَ مِنْهُم أَحَداً وَكَأنَّهُمْ لَمْ يُقِيمُوا فِي دِيَارِهِمْ، وَالذِينَ كَذَّبُوا شُعَيباً كَانُوا هُمُ الذِينَ خَسِرُوا الدُّنْيا وَالآخِرَةَ، أَمَّا الذِينَ اتَّبُعُوهُ فَكَانُوا هُمُ الفَائِزُونَ المُفْلِحِينَ.
وَبَعْدَ أَنْ نَزَلَ بِهِمْ عَذَابُ اللهِ وَدَمَارُهُ تَوَلَّى شُعَيْبٌ عَنْهُمْ، وَانْصَرَفَ عَنْ دِيَارِهِمْ، وَخَاطَبَهُمْ مُقَرِّعاً، فَقَالَ لَهُمْ: لَقَدْ نَصَحْتُ لَكُمْ يَا قَوْمِي، وَبَلَّغْتُكُمْ مَا أَرْسَلَنِي بِهِ رَبِّي إِلَيكُمْ، مِنْ دَعْوَةٍ إلَى عِبَادَةِ اللهِ، فَكَفَرْتُمْ وَاسْتَكْبَرْتُمْ، فَدَمَّرَكُمُ اللهُ، وَلِذَلِكَ فَإِنَّنِي لاَ يُمْكِنُ أَنْ آسَفَ وَأَحْزَنَ عَلَى قَوْمٍ جَحَدُوا بِوحْدَانِيَّةِ اللهِ، وَكَذَّبُوا رَسُولَهُ. (?)
إنها ملامح المعركة التي تتكرر ولا تتغير .. إن الطواغيت يتوجهون أولا إلى الداعية ليكف عن الدعوة. فإذا استعصم بإيمانه وثقته بربه، واستمسك بأمانة التبليغ وتبعته، ولم يرهبه