ومنهج من مزاياه أن صانعه هو صانع هذا الكون، الذي يعيش فيه الإنسان. فهو يضمن للإنسان منهجا تتلاءم قواعده مع نواميس الكون فلا يروح يعارك هذه النواميس. بل يروح يتعرف إليها، ويصادقها، وينتفع بها .. والمنهج يهديه في هذا كله ويحميه.
ومنهج من مزاياه أنه - في الوقت الذي يهدي فيه الإنسان ويحميه - يكرمه ويحترمه ويجعل لعقله مكانا للعمل في المنهج .. مكان الاجتهاد في فهم النصوص الواردة. ثم الاجتهاد في رد مالم يرد فيه نص إلى النصوص أو إلى المبادئ العامة للدين .. ذلك إلى المجال الأصيل، الذي يحكمه العقل البشري، ويعلن فيه سيادته الكاملة: ميدان البحث العلمي في الكون والإبداع المادي فيه (?) ..
«ذلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا» .. وصدق الله العظيم.
-------------
قال تعالى: {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ} [آل عمران: 185]
يُخْبِرُ اللهُ تَعَالَى عِبَادَهُ بِأَنَّ كُلَّ نَفْسٍ سَتَذُوقُ طَعْمَ المَوْتِ، وَتُحِسُّ بِمُفَارَقَةِ الرُّوحِ لِلْجَسَدِ. وَاسْتَدَّلَ بَعْضُهُمْ بِهَذِهِ الآيَةِ عَلَى أنَّ الأَرْوَاحَ لاَ تَمُوتُ بِمَوتِ البَدَنِ، لأنَّ الذَّوْقَ شُعُورٌ لاَ يُحِسُ بِهِ إلاَّ الحَيُّ، وَهُوَ تَعَالَى وُحْدَهُ الحَيُّ الذِي لاَ يَمُوتُ. وَيَوْمَ القِيَامَةِ يُحْشَرُ النَّاسُ إلى الله، وَتُوفَّى كُلُّ نَفْسٍ أجُورَهَا عَمَّا اكْتَسَبَتْهُ مِنْ أَعْمَالٍ، فَمِنْ جُنِّبَ النَّارَ، وَأُدْخِلَ الجَنَّةَ، فَقَدْ فَازَ كُلَّ الفَوْزِ.
وَالحَيَاةُ الدُّنْيَا لَيْسَتْ إلاَّ مَتَاعاً تَافِهاً زَائِلاً، صَاحِبُهُ مَغْرُورٌ مَخْدُوعٌ، وَهُوَ مَتَاعٌ مَتْرُوكٌ يُوشِكُ أنْ يَضْمَحِلَّ عَنْ أهْلِهِ. (?)
إنه لا بد من استقرار هذه الحقيقة في النفس: حقيقة أن الحياة في هذه الأرض موقوتة، محدودة بأجل ثم تأتي نهايتها حتما .. يموت الصالحون ويموت الطالحون. يموت