وقد شاع أن الاستدلال بالمصلحة المرسلة خاص بمذهب المالكية، ولكن الإمام شهاب الدين القرافي المالكي (684هـ) يقول، ردا على من نقلوا اختصاصها بالمالكي:" وأما المصلحة المرسلة فالمنقول أنها خاصة بنا، وإذا افتقدت المذاهب وجدتهم إذا قاسوا وجمعوا وفرقوا بين المسألتين لا يطلبون شاهداً بالاعتبار لذلك المعنى الذي به جمعوا وفرقوا، بل يكتفون بمطلق المناسبة، وهذا هو المصلحة المرسلة، فهي حينئذ في جميع المذاهب." (?)
ــــــــــ
لأن الراجح من أقوال أهل العلم أن البدعة التي هي ضلالة، محصورة في العبادات ولا تدخل في الأمور العادية.
قال الإمام الشاطبي: [فَالْبِدْعَةُ إِذَنْ عِبَارَةٌ عَنْ: طَرِيقَةٍ فِي الدِّينِ مُخْتَرَعَةٍ، تُضَاهِي الشَّرْعِيَّةَ يُقْصَدُ بِالسُّلُوكِ عَلَيْهَا الْمُبَالَغَةُ فِي التَّعَبُّدِ لِلَّهِ سُبْحَانَهُ. وَهَذَا عَلَى رَأْيِ مَنْ لَا يُدْخِلُ الْعَادَاتِ فِي مَعْنَى الْبِدْعَةِ، وَإِنَّمَا يَخُصُّهَا بِالْعِبَادَاتِ] (?).
إذا تقرر هذا فإن البدعة هي التعبد لله بما لم يشرعه الله سبحانه وتعالى ولا جاء به الرسول - صلى الله عليه وسلم - ولم يأت عن الخلفاء الراشدين، وهذا لا يكون إلا في العقائد والعبادات، فالبدعة التي تُعدُّ بدعةً في الدين، هي البدعة في العقيدة أو العبادة قولية أو فعلية، كبدعة نفي القدر وبناء المساجد على القبور وإقامة القباب على القبور .. والطواف حول المزارات، فهذه وأمثالها كلها ضلال لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ وَإِنْ كَانَ عَبْدًا حَبَشِيًّا، فَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ بَعْدِي، فَسَيَرَى اخْتِلَافًا كَثِيرًا، فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسَنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ، عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ، وَإِيَّاكُمْ وَالْمُحْدَثَاتِ، فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ» وقالَ أَبُو عَاصِمٍ مَرَّةً: «وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الْأُمُورِ فَإِنَّ كُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ» (?) ...