المبحث الأول
أهمية إقامة الدولة الإسلامية
إقامة الدولة العادلة من أهم مقاصد الشريعة الإسلامية، ومقوّمات وجود الأمّة:
فمن المعلوم المتقرِّر في هذه الشريعة العليّة الحكيمة، أنَّ الدولة العادلة من أهمّ مقوّمات وجود الأمّة، وبغيرها لا تؤدّي الأمّة رسالتها الحضارية، وأنَّه يجب على الأمّة الإسلامية، أن تقيم نظامَ الحكم الذي يحقِّق العدل، ويحارب الجور، ويحفظ مصالح الناس، ويدرء المفاسد عنهم، وهو من أعظم الفروض على هذه الأمّة العظيمة.
كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:" يَجِبُ أَنْ يُعْرَفَ أَنَّ وِلَايَةَ أَمْرِ النَّاسِ مِنْ أَعْظَمِ وَاجِبَاتِ الدِّينِ؛ بَلْ لَا قِيَامَ لِلدِّينِ وَلَا لِلدُّنْيَا إلَّا بِهَا. فَإِنَّ بَنِي آدَمَ لَا تَتِمُّ مَصْلَحَتُهُمْ إلَّا بِالِاجْتِمَاعِ لِحَاجَةِ بَعْضِهِمْ إلَى بَعْضٍ وَلَا بُدَّ لَهُمْ عِنْدَ الِاجْتِمَاعِ مِنْ رَأْسٍ حَتَّى قَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - {إذَا خَرَجَ ثَلَاثَةٌ فِي سَفَرٍ فَلْيُؤَمِّرُوا أَحَدَهُمْ}.رَوَاهُ أَبُو دَاوُد مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ. وَرَوَى الْإِمَامُ أَحْمَد فِي الْمُسْنَدِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: {لَا يَحِلُّ لِثَلَاثَةٍ يَكُونُونَ بِفَلَاةِ مِنْ الْأَرْضِ إلَّا أَمَّرُوا عَلَيْهِمْ أَحَدَهُمْ} فَأَوْجَبَ - صلى الله عليه وسلم - تَأْمِيرَ الْوَاحِدِ فِي الِاجْتِمَاعِ الْقَلِيلِ الْعَارِضِ فِي السَّفَرِ تَنْبِيهًا بِذَلِكَ عَلَى سَائِرِ أَنْوَاعِ الِاجْتِمَاعِ. وَلِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَوْجَبَ الْأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَلَا يَتِمُّ ذَلِكَ إلَّا بِقُوَّةِ وَإِمَارَةٍ. وَكَذَلِكَ سَائِرُ مَا أَوْجَبَهُ مِنْ الْجِهَادِ وَالْعَدْلِ وَإِقَامَةِ الْحَجِّ وَالْجُمَعِ وَالْأَعْيَادِ وَنَصْرِ الْمَظْلُومِ. وَإِقَامَةِ الْحُدُودِ لَا تَتِمُّ إلَّا بِالْقُوَّةِ وَالْإِمَارَةِ ... " (?)
وأنَّه يجب على الأمَّة أن تسعى لإصلاح أي نظام حكم يُقام على غير هذا الأساس، فتختلّ فيه العدالة، وينتشر الجور، وتضطرب مصالح الناس، وتحلّ فيهم المفاسد الدينية، والدنيوية.
وهذا الفرض أعظم بكثير من قيامها بإنكار شرب الخمر، والزنا _ مثلا _ فضلا عن إنكار التبرُّج، والإختلاط .. إلخ!! وغير ذلك من المنكرات، إذ فساد السلطة هو