هي أن للوسائل في شؤون العادات حكم المقاصد، فإذا كان المقصد مشروعا في هذه الأمور، فإن الوسائل إليه تأخذ حكمه، ولم تكن الوسيلة محرمة في ذاتها.
ولهذا حين ظهرت الوسائل الإعلامية الجديدة، مثل (التلفزيون) كثر سؤال الناس عنها: أهي حلال أم حرام؟
وكان جواب أهل العلم: أن هذه الأشياء لا حكم لها في نفسها، وإنما حكمها بحسب ما تستعمل له من غايات ومقاصد. فإذا سألت عن حكم (البندقية) قلنا: إنها في يد المجاهد عون على الجهاد، ونصرة الحقِّ، ومقاومة الباطل، وهي في يد قاطع الطريق عون على الجريمة، والإفساد في الأرض، وترويع الخلق.
وكذلك التلفزيون: مَن يستخدمه في معرفة الأخبار، ومتابعة البرامج النافعة ثقافيا وسياسيا واقتصاديا، بل والبرامج الترفيهية بشروط وضوابط معينة، فهذا لا شك في إباحته ومشروعيته، بل قد يتحول إلى قربة وعبادة بالنية الصالحة. بخلاف من يستخدمه للبحث عن الخلاعة والمجون وغيرها من الضلالات في الفكر والسلوك.
وكذلك هذه المسيرات والتظاهرات، إن كان خروجها لتحقيق مقصد مشروع، كأن تنادي بتحكيم الشريعة، أو بإطلاق سراح المعتقلين بغير تهمة حقيقية، أو بإيقاف المحاكمات العسكرية للمدنيين، أو بإلغاء حالة الطوارئ التي تعطي للحكام سلطات مطلقة. أو بتحقيق مطالب عامة للناس مثل: توفير الخبز أو الزيت أو السكر أو الدواء أو البنزين، أو غير ذلك من الأهداف التي لا شك في شرعيتها: فمثل هذا لا يرتاب فقيه في جوازه.
ومثل ذلك: الاحتجاج على ما يحدث للإخوة في فلسطين، أو الحفريات تحت المسجد الأقصى، أو الحرب على العراق، أو الاحتجاج على الرسوم المسيئة لشخصية النبي عليه الصلاة والسلام. (?)
فالمظاهرات وسيلة للتضامن مع المسلمين، وفيها إظهارٌ للحق، ورفضٌ للظلم، وشحذٌ للهمم، وتعبيرٌ عن كون المسلمين كالجسد الواحد، عَنْ عَامِرٍ، قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: سَمِعْتُ