كما أنه يحق له المشاركة في القيام بأعباء السلطة، ووظائفها الكثيرة، لأن السلطة حق مشترك بين رعايا الدولة، وليس حكراً على أحد، أو وقفاً على فئة دون أخرى واختيار الإنسان للسلطة، قد يتم بنفسه، أو مَن ينوب عنه من أهل الحل والعقد وهم أهل الشورى، الذين ينوبون عن الأمة كلها في كثير من الأمور منها: القيام بالاجتهاد فيما لا نص فيه، إذ الحاكم يرجع في ذلك، إلى أهل الخبرة والاختصاص من ذوي العلم والرأي، كما أنهم يوجهون الحاكم في التصرفات ذات الصفة العامة، أو الدولية، كإعلان الحرب، أو الهدنة، أو إبرام معاهدة، أو تجميد علاقات، أو وضع ميزانية أو تخصيص نفقات لجهة معينة أو غير ذلك من التصرفات العامة، التي لا يقطع فيها برأي الواحد. قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ} (النساء:58).
وعَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم -،قَالَ: «الدِّينُ النَّصِيحَةُ» قُلْنَا: لِمَنْ؟ قَالَ: «لِلَّهِ وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ وَلِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ» (?)
ومن هنا:
نستطيع أن نقول: إن شريعة الإسلام قد سبقت كل دعاة الحرية، ووضعت لها ضوابط حامية لها وراعية، فحرية الغرب لم تستطع أن تحمي المجتمع بمن يعيشون فيه من الاعتداء على الحقوق، ونهب وسلب الأموال، خير شاهد على ذلك، نسب الجريمة المرتفعة، والانهيار الاقتصادي الأخير، وسقوط النظام الشيوعي وانهياره وفشله في تحقيق السعادة المنشودة، واعتدائه على كلِّ القيم والحريات، والاعتداء على العفة والفضيلة، تحت مسمى الحرية المزعومة التي يروجون لها، هذا في كل دول الغرب والشرق الذين فهموا الحرية تحت مظلات بشرية.