وعَنْ أَبِي وَائِلٍ شَقِيقِ بْنِ سَلَمَةَ قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -:لَوْ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْت لَأَخَذْت فُضُولَ أَمْوَالِ الْأَغْنِيَاءِ فَقَسَّمْتُهَا عَلَى فُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ؟ هَذَا إسْنَادٌ فِي غَايَةِ الصِّحَّةِ وَالْجَلَالَةِ.

وعنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَنَّهُ سَمِعَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ يَقُولُ: إنَّ اللَّهَ تَعَالَى فَرَضَ عَلَى الْأَغْنِيَاءِ فِي أَمْوَالِهِمْ بِقَدْرِ مَا يَكْفِي فُقَرَاءَهُمْ، فَإِنْ جَاعُوا أَوْ عَرُوا وَجَهَدُوا فَمَنَعَ الْأَغْنِيَاءُ، وَحَقٌّ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى أَنْ يُحَاسِبَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَيُعَذِّبَهُمْ عَلَيْهِ؟

وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ: فِي مَالِكَ حَقٌّ سِوَى الزَّكَاةِ. وَعَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ، وَالْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ، وَابْنِ عُمَرَ أَنَّهُمْ قَالُوا كُلُّهُمْ لِمَنْ سَأَلَهُمْ: إنْ كُنْت تَسْأَلُ فِي دَمٍ مُوجِعٍ، أَوْ غُرْمٍ مُفْظِعٍ أَوْ فَقْرٍ مُدْقِعٍ فَقَدْ وَجَبَ حَقُّكَ. وَصَحَّ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ وَثَلَاثِمِائَةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - أَنَّ زَادَهُمْ فَنِيَ فَأَمَرَهُمْ أَبُو عُبَيْدَةَ فَجَمَعُوا أَزْوَادَهُمْ فِي مِزْوَدَيْنِ، وَجَعَلَ يَقُوتُهُمْ إيَّاهَا عَلَى السَّوَاءِ؟ فَهَذَا إجْمَاعٌ مَقْطُوعٌ بِهِ مِنْ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -،لَا مُخَالِفَ لَهُمْ مِنْهُمْ. وَصَحَّ عَنْ الشَّعْبِيِّ، وَمُجَاهِدٍ، وَطَاوُسٍ، وَغَيْرِهِمْ، كُلُّهُمْ يَقُولُ: فِي الْمَالِ حَقٌّ سِوَى الزَّكَاةِ.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَلَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ اُضْطُرَّ أَنْ يَأْكُلَ مَيْتَةً، أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ وَهُوَ يَجِدُ طَعَامًا فِيهِ فَضْلٌ عَنْ صَاحِبِهِ، لِمُسْلِمٍ أَوْ لِذِمِّيٍّ؛ لِأَنَّ فَرْضًا عَلَى صَاحِبِ الطَّعَامِ إطْعَامُ الْجَائِعِ فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ فَلَيْسَ بِمُضْطَرٍّ إلَى الْمَيْتَةِ وَلَا إلَى لَحْمِ الْخِنْزِيرِ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

وَلَهُ أَنْ يُقَاتِلَ عَنْ ذَلِكَ، فَإِنْ قُتِلَ فَعَلَى قَاتِلِهِ الْقَوَدُ، وَإِنْ قَتَلَ الْمَانِعَ فَإِلَى لَعْنَةِ اللَّهِ؛ لِأَنَّهُ مَنَعَ حَقًّا، وَهُوَ طَائِفَةٌ بَاغِيَةٌ، قَالَ تَعَالَى: {فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ} [الحجرات:9] وَمَانِعُ الْحَقِّ بَاغٍ عَلَى أَخِيهِ الَّذِي لَهُ الْحَقُّ؛ وَبِهَذَا قَاتَلَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مَانِعَ الزَّكَاةِ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. (?)

ويؤيد كلام الإمام ابن حزم رحمه الله ما جاء عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ الْمُسْتَوْرِدَ بْنَ شَدَّادٍ، يَقُولُ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ:" مَنْ وَلِيَ لَنَا عَمَلًا وَلَيْسَ لَهُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015