والمقصود أن السمع والطاعة - المجمع عليها بين الأئمة وسلف الأمة - إنما تكون للإمام المسلم العدل، كما أنه مجمع على أنه لا سمع ولا طاعة للكافر، أو لمن طرأ عليه الكفر، ولا خلاف بين الأمة في ذلك، وأما الإمام الجائر أو الفاسق فقد اختلف الأئمة، وسلف الأمة في السمع والطاعة له اختلافا كبيرا، وهذا كله في الإمام الذي يصدق عليه أنه ولي أمر ليس فوقه من هو أعلى منه سلطة وسيادة، وهو من يطلق عليه في الفقه الإمام العام أو الإمام الأعظم وهو الخليفة.

أما من يأتي به العدو الكافر الغازي وينصبه على المسلمين فإنه خارج عن محل الخلاف بلا خلاف، إذ الحاكم في واقع الأمر هو العدو الكافر الذي نصبه إماما، وهو ولي أمره، فمن أوجب له السمع والطاعة فإنما يوجبها للعدو الغازي، ويرى أنه يدخل في عموم الآية {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} [النساء:59]،ومن يرى مثل الرأي الباطل، إنما يرد على الله ورسوله حكمهما، وينقض إجماع الأمة على أن السمع والطاعة لا تكون إلا للإمام المسلم وليس لكل إمام، إذ الكافر أو المنافق الذي يحارب الله ورسوله ويسعى في الأرض فسادا واجب على الأمة جهاده، لا طاعته أو السمع له.

وقد قال الله: {وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا} [النساء:141]،وإذا كان الله سبحانه لم يجعل للكافر على ابنته إذا أسلمت ولاية ولا سبيلا، فلا يعقد نكاحها، ولا يحل له ميراثها، ولا يتصرف في مالها، فكيف يكون له ذلك على الأمة كلها يتصرف في دمائها وأرضها وشئونها؟!! فهذا لا يقوله من يعلم عن الله كتابه، ولا من يفهم عن الشارع خطابه، ولا يصدر عمن يعرف الفقه، وأحكامه، ومقاصده، وهذا يدخل في القول على الله بلا علم، وهو كالشرك به، كما قال تعالى: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} [الأعراف:33].

2) أن العدو الكافر الذي نصب هذا الحاكم له أحول وهي:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015