الأولى: من جهة الوسيلة المستخدمة في التعبير عن الغرض، المتوصل بها إلى الغاية، هل هي مأمور بها شرعا، أم مباحة، أم ممنوعة.
ـ فإن كان مأمورا بها فلا شك في جواز استخدامها، وذلك مثل: المشي لشهود الصلاة في المسجد مع جماعة المسلمين، أو السعي في طلب الرزق، أو زيارة الأقارب والأرحام، أو في الدعوة إلى الله، ونحو ذلك.
ـ وإن كانت الوسيلة ممنوعة، فإن كان منع تحريم فإنه يحرم اتخاذها أو التوصل بها إلى أي غاية، حتى وإن كانت الغاية مطلوبة شرعا، وذلك كمن يسرق ليتصدق، أو يودع ماله بفائدة بنية التبرع بهذه الفائدة في المشاريع الخيرية، أو ينشىء مشروعا سياحيا في بلاد المسلمين، تمارس فيه الرذيلة، ويباع فيه الخمر، ويجلب إليه العاهرات .. بغرض التجارة .. ونحو ذلك، فهذا ونحوه لايلتفت فيه إلى الغاية، لأن الطريق الموصل إليها ممنوع في ذاته.
فإن كانت ممنوعة منع كراهة فإنه يكره اتخاذها تبعا لذلك.
ـ وإن كانت الوسيلة مباحة، فهذه مسألة اختلفت فيها أنظار أهل العلم بين مجيز ومانع.
ومستمسك المانعين أنهم جعلوا الوسائل تعبدية، فلا يتجاوز فيها المنصوص أو المقيس عليه
والصواب -إن شاء الله تعالى- أن الوسائل - وهي الطرق إلى المقاصد- غير منحصرة، وأنها تأخذ حكم مقاصدها، وأن النظر في الوسائل يكون من جهة: هل هي ممنوعة أو لا؟. وليس: هل هي مأمور بها أو لا؟.
أي أننا في باب الوسائل ننظر: هل نهى الشارع عن هذه الوسيلة أو لا؟ ولانحتاج إلى البحث في: هل أمر بها الشارع أو لا؟ بل يكفي في الوسائل أن يكون الشارع قد أباحها أو سكت عنها.
الثانية: من جهة المقاصد، وذلك أننا لانحكم للوسائل ـ على التفصيل السابق ـ بحكم منفصل عن الغاية المقصودة من ورائها، لأنه قد تقرر أن الوسائل لها أحكام المقاصد. فإذا كان القصد مطلوبا شرعا، والغاية مأمورا بها من حيث هي، فإنه يشرع التوصل والتوسل إليها بكل وسيلة غير ممنوعة شرعا .. فنصرة المسلم المظلوم مطلوبة شرعا. قال تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلَايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا وَإِنِ