قَالَ: وَلا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ. وَقَالَ مَيْمُونٌ: فَلَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لِنَبِيِّهِ عَلَيْهِنَّ الطَّاعَةَ إِلا فِي الْمَعْرُوفِ وَالْمَعْرُوفُ طَاعَةُ اللَّهِ. (?)
فحرية الإنسان تعني أن لا يكون لإنسان مملوكا لغيره في نفسه وتصرفه، وأن لا يكون مجبورا على فعل لا يريده، ولا ممنوعا من فعل أو تصرف يحق له، وأن لا يكون مظلوما مهضوما، ولا يدنس عرضه وشرفه، فأي هذه المعاني كلها لا يستحق أن يموت الإنسان من أجلها؟
وتتجلى في ملك الشعب لنفسه، وحقه في تصريف شئونه بنفسه، فكل شعب يصرف شئونه بإرادته الحرة، وتصان فيه كرامته وحقوقه، هو شعب حر، وكل شعب يستبد به مستبد فردا كان المستبد أو أسرة أو حزبا أو فئة فهو شعب مستعبد، يفتقد من قيمته كمجتمع إنساني بقدر ما فقد من حريته وحقوقه وكرامته.
فالحرية هنا تقابل الاستبداد والطغيان.
وهي تعني الاستقلال والسيادة، وتقابل الاستعمار والاحتلال، فكل وطن وشعب يقع تحت احتلال دولة أخرى ونفوذها وسيطرتها هو وطن فاقد للحرية والكرامة، وبقدر هذا النفوذ تنتقص سيادته وحريته وكرامته.
فهذه المستويات الثلاث للحرية (الفردية والشعبية والوطنية) وتكاد تكون مجال تجلي الحرية الإنسانية عند كل الشعوب على اختلاف ثقافاتها.
وقد عرف العرب كل تلك المعاني للحرية وكانوا أشد الأمم محافظة على حريتهم وكرامتهم حد الفوضى، حتى أنه لا يعرف لهم دولة ولا ملك في جزيرتهم، وظلت مكة أم