سواء، لا فضل فيه لعربي على أعجمي، ولا لأبيض على أسود، إلا بالتقوى، وجعل سبب سقوط الأمم الظلم، فعَنْ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: أَنَّ قُرَيْشًا أَهَمَّتْهُمُ المَرْأَةُ المَخْزُومِيَّةُ الَّتِي سَرَقَتْ، فَقَالُوا: مَنْ يُكَلِّمُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -،وَمَنْ يَجْتَرِئُ عَلَيْهِ إِلَّا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، حِبُّ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -،فَكَلَّمَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -،فَقَالَ: «أَتَشْفَعُ فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ» ثُمَّ قَامَ فَخَطَبَ، قَالَ: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّمَا ضَلَّ مَنْ قَبْلَكُمْ، أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا سَرَقَ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ، وَإِذَا سَرَقَ الضَّعِيفُ فِيهِمْ أَقَامُوا عَلَيْهِ الحَدَّ، وَايْمُ اللَّهِ، لَوْ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم -،سَرَقَتْ لَقَطَعَ مُحَمَّدٌ يَدَهَا» (?)
فجاء الخطاب السلطاني؛ ليرسخ أسوأ أنواع الطبقية والتظالم، فالأمراء طبقات، والعلماء طبقات، والناس طبقات، ولكل طبقة حقوقها ومخصصاتها ومميزاتها وامتيازاتها، طبقات وظلمات بعضها فوق بعض!
جاء الخطاب القرآني؛ ليقرر {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} [الحجرات:10]،وكلكم من آدم، وآدم من تراب، فعبر عن المساواة بأوضح معانيها وصورها باستعمال لفظ الأخوة التي تدل على المساواة المطلقة بين المؤمنين.
وجاء الخطاب السلطاني؛ ليرسخ مبادئ الجاهلية، فإذا في كل مجتمع إسلامي مسلمون بلا هوية، ومواطنون بلا جنسية، يمارس المجتمع ضدهم أبشع أنواع الظلم والاضطهاد، ثم لا يجد أحبار السوء غضاضة من تبرير ذلك باسم "المصلحة الوطنية"!
جاء الخطاب القرآني؛ ليقرر حرية إبداء الرأي وحق نقد السلطة، كما قال تعالى في وصف المؤمنين: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} [المائدة:54]،وكما في حديث البيعة الصحيح عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الْوَلِيدِ بْنِ عُبَادَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: «بَايَعْنَا رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -