وعَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ قَالَ: لَمَّا أُتِي عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ بِتَاجِ كِسْرَى وَسِوَارَيْهِ؛ جَعَلَ يُقَلِّبُهَا بِعُودٍ فِي يَدِهِ، وَيَقُولُ وَاللهِ! إِنَّ هَذَا الَّذِي أَدَّى هَذَا لَأَمِينٌ. فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ! أَنْتَ أَمِينُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، يُؤَدُّونَ: إِلَيْكَ مَا أَدَّيْتَ إِلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَإِذَا خُنْتَ؛ خَانُوا" (?)
وعَنْ يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ، قَالَ: كَتَبَ عُمَرُ إِلَى أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا:" إِنَّ النَّاسَ يُؤَدُّونَ إِلَى الْإِمَامِ مَا أَدَّى الْإِمَامُ إِلَى اللهِ، وَإِنَّ الْإِمَامَ إِذَا رَتَعَ رَتَعَتِ الرَّعِيَّةُ، وَإِنَّهُ يُوشِكُ أَنْ يَكُونَ لِلنَّاسِ نُفْرَةٌ عَنْ سُلْطَانِهِمْ، وَإِنِّي أَعُوذُ بِاللهِ أَنْ يُدْرِكَنِي وَإِيَّاكُمْ ضَغَائِنُ مَحْمُولَةٌ، وَأَهْوَاءٌ مُتَّبَعَةٌ، وَدُنْيَا مُؤْثَرَةٌ، فَأَقِيمُوا الْحَقَّ، وَلَوْ سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ " (?)
---------
أيها الأحرار الثوار ..
لقد سادت في العالم العربي خاصة في العقود الثلاثة الأخيرة طبقة سياسية حاكمة - تحت سمع وبصر ورعاية الاستعمار - هي الأسوأ أخلاقيا وسلوكيا في تاريخ العرب الحديث، فمقارنة بين الرؤساء والأمراء العرب قبل وبعد حقبة (كامب ديفيد) نجد البون شاسعا بين الفريقين، فلم يشتهر أحد من الرؤساء قبلها بالسرقة أو الإثراء غير المشروع، بل كانت نظافة اليد ونزاهتها أبرز ما في تلك الحقبة، حيث كان للرؤساء آنذاك هموم وطنية فكانوا يكابدون لتحقيقها لشعوبهم، ومع استبدادهم في السلطة، لم يعرف عنهم وعن أسرهم أنهم أثروا، بينما لا يكاد يوجد أحد ممن حكم منذ كامب ديفيد إلى اليوم إلا وقد اشتهر بالفساد الأخلاقي والثراء غير المشروع، وبتعزيز نفوذ أسرته وحاشيته وبطانته وزوجاته وأبنائه، كحال قطاع الطرق وعصابات المافيا، حتى صار هم كل رئيس وملك وأمير توريث ابنه الحكم والثروة!