نعم إن أمكن أن تكون الدولة للمسلمين وهم الحكام فهو المتعين ولكن لعدم إمكان هذه المرتبة فالمرتبة التي فيها دفع ووقاية للدين والدنيا مقدمة والله أعلم). (?).
فالواجب الإصلاح بحسب الإمكان كما قال النبي شعيب عليه السلام: {إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ} [هود:88].
وكل من اجتهد وأراد الإصلاح سواء الإصلاح العام الكلي (الخلافة الراشدة)،أو الخاص الكلي (الحكومة الراشدة)،أو الخاص الجزئي (الإصلاح السياسي المحدود)،فهو مأجور على اجتهاده، وقد فعل الواجب بحقه والمقدور له، ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها.
تطبيق الشريعة لا ينعي تطبيق الحدود فقط
وتطبيق الشريعة ليس كما يتوهمه كثيرون بأنه هو تنفيذ الحدود في الجرائم، فهذا جزء يسير من الشريعة، بل هو آخر أحكامها، إذ قبل ذلك جاءت أحكام كثيرة لحفظ الحقوق وإقامة العدل ورفع الظلم، السياسي والاقتصادي والاجتماعي، وهو المقصود الرئيسي للأحكام، فكل من اجتهد من الحكومات الراشدة التي تختارها الأمة في تحقيق الإصلاح في شئون المجتمع والدولة لتحقيق الشوكة والقوة للأمة، وتعزيز قدرتها، سياسيا واقتصاديا وعلميا وعسكريا، فقد قام بتطبيق الشريعة ..
والإسلام لا يظهر في الأرض إلا بعد تحقق التمكين له: {الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ} [الحج:41].
وقال تعالى: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} [النور:55]