المطلب الرابع
الدولة التي يجب على المسلمين العمل لإقامتها
ج3:الدولة التي يجب أن يعمل المسلمون جميعا على إقامتها هي الخلافة الراشدة والأمة الواحدة، وهي النظام السياسي الإسلامي الوحيد الذي عرفه المسلمون وأجمعوا عليه، مدة ثلاثة عشر قرنا، وبه ساد المسلمون العالم حتى إذا سقط في الحرب العالمية الأولى فإذا هم يتوارون عن المسرح العالمي كله، ليتحولوا إلى دويلات طوائف وظيفية، لا وزن لها ولا أثر في ميزان القوى الدولية، وسقط بسقوط الخلافة الإسلام الدولة الواحدة، والإسلام الأمة الواحدة، والإسلام المرجعية التشريعية، والإسلام النظام السياسي، والإسلام الهوية والدين!
وقد حدد النبي - صلى الله عليه وسلم - طبيعة النظام السياسي في الإسلام بعد النبوة وهو الخلافة الراشدة، وقد قيدها الشارع بالرشد وصفا، كما جاء في الحديث الصحيح عن الْعِرْبَاضَ قالَ: صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الصُّبْحَ ذَاتَ يَوْمٍ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا فَوَعَظَنَا مَوْعِظَةً بَلِيغَةً، ذَرَفَتْ مِنْهَا الْعُيُونُ، وَوَجِلَتْ مِنْهَا الْقُلُوبُ، فَقَالَ قَائِلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَأَنَّ هَذِهِ مَوْعِظَةَ مُوَدِّعٍ، فَمَاذَا تَعْهَدُ إِلَيْنَا؟ قَالَ: «أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ، وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ، وَإِنْ عَبْدًا حَبَشِيًّا مُجَدَّعًا، فَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ فَسَيَرَى اخْتِلَافًا كَثِيرًا، فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ، فَتَمَسَّكُوا بِهَا، وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ، وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الْأُمُورِ فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ» (?) ..
كما حددها زمنا عَنْ سَفِينَةَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: «الْخِلَافَةُ ثَلَاثُونَ سَنَةً ثُمَّ يَكُونُ بَعْدَ ذَلِكَ مُلْكًا» (?)
فجعلها المعيار الموضوعي لمعرفة نظام الحكم الراشد في الإسلام ..
وحددها بالحديث الآخر عن النُّعْمَانَ بْنِ بَشِيرِ بْنِ سَعْدٍ، قَالَ: كُنَّا قُعُودًا فِي الْمَسْجِدِ مَعَ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -،وَكَانَ بَشِيرٌ رَجُلاً يَكُفُّ حَدِيثَهُ، فَجَاءَ أَبُو ثَعْلَبَةَ، فَقَالَ: يَا بَشِيرُ بْنَ