فالأخوة والمحبة هي سرُّ النصر ومفتاحه، فإذا تحققتا بين المؤمنين والمصلحين الراشدين فقد انتصروا، إذ حاجة النفوس الكريمة الشريفة إلى المحبة أشد من حاجتها إلى ما سواها من حظوظ النفس وشهواتها، فهي تحيا بالحب، وتقاتل بالحب، وتموت بالحب، ولهذا كانت أشرف مراتب العبودية لله المحبة كما قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} [المائدة:54]،
وعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -:أَوْثَقُ عُرَى الإِيمَانِ الْحُبُّ فِي اللهِ وَالْبُغْضُ فِي اللهِ". (?)
وعَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، قَالَ: كُنَّا عِنْدَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: أَتَدْرُونَ أَيُّ عُرَى الإِيمَانِ أَوْثَقُ؟ قُلْنَا: الصَّلاَةُ قَالَ: الصَّلاَةُ حَسَنَةٌ وَلَيْسَ بِذَاكَ قُلْنَا: الصِّيَامُ فَقَالَ مِثْلَ ذَلِكَ حَتَّى ذَكَرْنَا الْجِهَادَ، فَقَالَ مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -:أَوْثَقُ عُرَى الإِيمَانِ الْحَبُّ فِي اللهِ وَالْبُغْضُ فِي اللَّهِ. (?)
ولهذا أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بإشاعة الحب، ففي صحيح مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: «لَا تَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا، وَلَا تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا، أَوَلَا أَدُلُّكُمْ عَلَى شَيْءٍ إِذَا فَعَلْتُمُوهُ تَحَابَبْتُمْ؟ أَفْشُوا السَّلَامَ بَيْنَكُمْ» (?)
وعَنْ يَعِيشَ بْنِ الوَلِيدِ، أَنَّ مَوْلًى لِلزُّبَيْرِ، حَدَّثَهُ أَنَّ الزُّبَيْرَ بْنَ العَوَّامِ، حَدَّثَهُ أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ:" دَبَّ إِلَيْكُمْ دَاءُ الأُمَمِ قَبْلَكُمْ: الحَسَدُ وَالبَغْضَاءُ، هِيَ الحَالِقَةُ، لَا أَقُولُ تَحْلِقُ الشَّعَرَ وَلَكِنْ تَحْلِقُ