فكم فتن المال من عالم وداعية، وكم ألهى من حركات وأحزاب، فدخلوا الأسواق لنصر الدعوة، فنصروا الأسواق وتركوا الدعوة!
وقد حذر الله نبيه - صلى الله عليه وسلم - من فتنة الدنيا وزينتها فقال له: {وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى} [طه:131]!
وإنما تتعطل الدعوات عن سيرها في طريق التغيير والإصلاح بالانشغال في المال وجمعه، والاستمتاع بفتنة الدنيا وزخرفها، وإنما يقود حركة التغيير المؤمنون المخلصون، وينصرها المعدمون المستضعفون، فهم أتباع الرسل وأنصارهم!
ابتداء بجهاد النفس على الطاعة وفعل الخير وترك الشر، {وَمَنْ جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ} [العنكبوت:6]،
وعَنِ الْعَلَاءِ بْنِ زِيَادٍ، قَالَ: سَأَلَ رَجُلٌ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ فَقَالَ: أَيُّ الْمُؤْمِنِينَ أَفْضَلُ إِسْلَامًا؟ قَالَ: «مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ»،قَالَ: فَأَيُّ الْجِهَادِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: «مَنْ جَاهَدَ نَفْسَهُ فِي ذَاتِ اللَّهِ»،قَالَ: فَأَيُّ الْمُهَاجِرِينَ أَفْضَلُ؟ قَالَ: «مَنْ جَاهَدَ لِنَفْسِهِ وَهَوَاهُ فِي ذَاتِ اللَّهِ»،قَالَ: أَنْتَ قُلْتَهُ يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو أَوْ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -؟ قَالَ: قَالَ: «بَلْ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَهُ» (?)
أو جهاد الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ