وَحْدَهُمْ، {وَالَّذِينَ جَاءَوا مِنْ بَعْدِهِمْ} الْآيَةَ، وَاللهِ مَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ إِلَّا وَلَهُ حَقٌّ فِي هَذَا الْمَالِ، أُعْطِيَ مِنْهُ أَوْ مُنِعَ، حَتَّى رَاعٍ بِعَدَنَ " (?)
ودون الدواوين واستفادها من فارس والروم عملا بحديث «إِذَا كَانَ شَيْءٌ مِنْ أَمْرِ دُنْيَاكُمْ فَشَأْنُكُمْ، وَإِذَا كَانَ شَيْءٌ مِنْ أَمْرِ دِينِكُمْ فَإِلَيَّ» (?).
وحين رفض نصارى تغلب أن يدفعوا الجزية وقالوا نحن عرب ندفع كما يدفع العرب، قال افرضوا عليهم الصدقة، فعنْ عُبَادَةَ بْنِ النُّعْمَانِ التَّغْلِبِيِّ، أَنَّهُ قَالَ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنَّ بَنِي تَغْلِبَ مَنْ قَدْ عَلِمْتَ شَوْكَتَهُمْ، وَإِنَّهُمْ بِإِزَاءِ الْعَدُوِّ، فَإِنْ ظَاهَرُوا عَلَيْكَ الْعَدُوَّ اشْتَدَّتْ مُؤْنَتُهُمْ، فَإِنْ رَأَيْتَ أَنْ تُعْطِيَهُمْ شَيْئًا. قَالَ: فَافْعَلْ. قَالَ: فَصَالَحَهُمْ عَلَى أَنْ لَا يَغْمِسُوا أَحَدًا مِنْ أَوْلَادِهِمْ فِي النَّصْرَانِيَّةِ، وَتُضَاعَفَ عَلَيْهِمُ الصَّدَقَةُ. قَالَ: وَكَانَ عُبَادَةُ يَقُولُ: قَدْ فَعَلُوا وَلَا عَهْدَ لَهُمْ" (?)
وأمر أن يفرض من بيت مال المسلمين للمحتاجين، من المسلمين وغير المسلمين، وأن يفرض للأطفال الرضع وأمهاتهم ما يغنيهم، وسن للأمة سنن الهدى في باب سياسة الأمة، حتى ضرب به المثل في العدل، كل ذلك بذكاء وعبقرية هي أهم ما تحتاجه سياسة الأمم بعد الإيمان والصلاح والتقوى، فكان عمر إمام الراشدين في هذا الباب!
ـــــــــ
والتي تجلت في أوضح صورها بالخليفة الراشد عثمان بن عفان رضي الله عنه، فكان منذ أن آمن وهو يحوط الدعوة بماله ونفسه وأهله، فهاجر الهجرتين، عَنْ يُونُسَ، قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ، أَنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عَدِيِّ بْنِ الخِيَارِ، أَخْبَرَهُ أَنَّ المِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ، وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الأَسْوَدِ بْنِ عَبْدِ يَغُوثَ، وفيه قال عثمان رضي الله عنه:" إِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ بَعَثَ