الْحِجَازِ مَعْقِلَ الْأُرْوِيَّةِ مِنْ رَأْسِ الْجَبَلِ، إِنَّ الدِّينَ بَدَأَ غَرِيبًا وَيَرْجِعُ غَرِيبًا، فَطُوبَى لِلْغُرَبَاءِ الَّذِينَ يُصْلِحُونَ مَا أَفْسَدَ النَّاسُ بَعْدِي مِنْ سُنَّتِي» (?)
وهناك شروط وصفات يجب أن تتوفر لقيادات العمل الراشدي اليوم لتكون أهلا للنصر، كما يجب أن تتوفر في أنصارهم وأشياعهم صفات الرشد التي تجعلهم أهلا للقيام بالمهمة:
ليس المقصود هنا الصفات العامة التي تحققت في أهل الإيمان كما فصَّل فيها القرآن كالإيمان والتقوى والصلاح، وإنما المراد الصفات الخاصة التي توفرت في الخلفاء الراشدين قبل أن يصبحوا خلفاء، والتي أهلتهم للاستخلاف في الأرض، تلك الصفات التي تحلوا بها قبل أن يكونوا خلفاء، والتي اشتهروا بها منذ آمنوا وأسلموا، إذ كانوا جميعا قادة الدعوة مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في مكة، إلى أن أقاموا الدولة في المدينة، ثم أقاموا الخلافة بعد وفاته - صلى الله عليه وسلم -،ومن ينظر في أبرز صفات الخلفاء الراشدين يجدها تتمثل في:
التي لا يطرأ عليها شك، ولا يخالطها ريب، ولا يعيقها تردد، وهو إيمانه المطلق بأن الله حق، والرسول حق، وأن ما جاء عنهما هو الحق، ووعدهما الحق، وهي الصفة التي شهرت أبا بكر حتى لقب بالصديق، كما وصفه القرآن {وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ} [الزمر:33]
ومنزلة الصديقية هي التالية لمنزلة النبوة من حيث تحقق الإيمان واليقين كما قال تعالى: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا} [النساء:69]
لقد كان أبو بكر قبل خلافته وبعدها النموذج في عقائديته، فكان أول من آمن بالنبي - صلى الله عليه وسلم - من الرجال، وأول من صدَّق حادثة الإسراء والمعراج، حين كذَّب بها من كذب، وشك من شك، حتى إذا هرعت قريش لأبي بكر تسأله فإذا جوابه جواب الصديقين فعَنْ عَائِشَةَ