فِي فِرَاقِكِ، فَإِنِّي أَكْرَهُ أَنْ أَكُونَ أَنَا وَأَنْتِ وَهُوَ فِي بَيْتٍ وَاحِدٍ، قَالَتْ: لَا بَلْ أَخْتَارُكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ، وَعَلَى أَضْعَافِهِ لَوْ كَانَ لِي، قَالَ: فَأَمَرَ بِهِ فَحُمِلَ حَتَّى وُضِعَ فِي بَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ، فَلَمَّا هَلَكَ عُمَرُ وَاسْتُخْلِفَ يَزِيدُ قَالَ لِفَاطِمَةَ: إِنْ شِئْتَ يَرُدُّونَهُ عَلَيْكِ، قَالَتْ: فَإِنِّي لَا أَشَاؤُهُ، طِبْتُ عَنْهُ نَفْسًا فِي حَيَاةِ عُمَرَ، وَأَرْجِعُ فِيهِ بَعْدَ مَوْتِهِ؟ لَا وَاللهِ أَبَدًا، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ قَسَمَهُ بَيْنَ أَهْلِهِ وَوَلَدِهِ" (?)
فالحقوق لا تسقط بالتقادم، فعنْ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ أَحْيَا أَرْضًا مَيِّتَةً، فَهِيَ لَهُ وَلَيْسَ لِعِرْقٍ ظَالِمٍ حَقٌّ» (?)
وعَنْ عُرْوَةَ، أَنَّ رَجُلَيْنِ مِنَ الْأَنْصَارِ اخْتَصَمَا فِي أَرْضٍ غَرَسَ أَحَدُهُمَا فِيهَا نَخْلًا وَالْأَرْضُ لِلْآخَرِ، فَقَضَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِالْأَرْضِ لِصَاحِبِهَا، وَأَمَرَ صَاحِبَ النَّخْلِ أَنْ يُخْرِجَ نَخْلَهُ، وَقَالَ: «مَنْ أَحْيَا أَرْضًا مَيْتَةً فَهِيَ لِمَنْ أَحْيَاهَا، وَلَيْسَ لِعَرَقِ ظَالِمٍ حَقٌّ». قَالَ: فَلَقَدْ أَخْبَرَنِي الَّذِي حَدَّثَنِي بِهَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهُ رَأَى النَّخْلَ وَهِيَ عَمٌّ، تُقْلَعُ أُصُولُهَا بِالْفُؤُوسِ. قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: الْعَمُّ: الشَّبَابُ، «وَلَيْسَ لِعَرَقِ ظَالِمٍ حَقٌّ» قَالَ: «أَنْ تَأْتِيَ أَرْضَ غَيْرِكَ فَتَزْرَعَ فِيهَا» (?)
وعَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: «الْعِبَادُ عِبَادُ اللَّهِ وَالْبِلَادُ بِلَادُ اللَّهِ فَمَنْ أَحْيَا مِنْ مَوَاتِ الْأَرْضِ شَيْئًا فَهُوَ لَهُ وَلَيْسَ لِعِرْقِ ظَالِمٍ حَقٌّ» (?)
ولهذا كان إعفاء الرئيس اليمني عما سلف منه من جرائم خاصة ما نهبه من مال الشعب جريمة لا تغتفر بحق من وقعوا المصالحة لفقدهم الشرعية للتنازل عن حقوق الشعب!
وليست الدماء كالأموال فإن الدم حق خاص لأولياء المقتول فإذا عفوا عنه فلهم ذلك بخلاف المال العام للأمة لا يصلح التنازل عنه بل يجب رده للأمة.