وعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، قَالَ: خَطَبَنَا عُمَرُ فَقَالَ:" قَدْ عَرَفْتُ أَنَّ أُنَاسًا يَقُولُونَ: إِنَّ خِلَافَةَ أَبِي بَكْرٍ كَانَتْ فَلْتَةً، وَلَكِنْ وَقَى اللهُ شَرَّهَا وَإِنَّهُ لَا خِلَافَةَ إِلَّا عَنْ مَشُورَةٍ، وَأَيُّمَا رَجُلٍ بَايَعَ رَجُلًا عَنْ غَيْرِ مَشُورَةٍ، لَا يُؤَمَّرُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا تَغِرَّةً أَنْ يُقْتَلَا " قَالَ شُعْبَةُ: قُلْتُ لِسَعْدٍ: مَا تَغِرَّةً أَنْ يُقْتَلَا؟ قَالَ: عُقُوبَتُهُمَا أَنْ لَا يُؤْمَرَ وَاحِدٌ مِنْهُمَا .. " (?)
وعَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ: «مَنْ دَعَا إِلَى إِمَارَةِ نَفْسِهِ، أَوْ غَيْرِهِ مِنْ غَيْرِ مَشُورَةٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَلَا يَحِلُّ لَكُمْ إِلَّا أَنْ تَقْتُلُوهُ» (?)
فكل اغتصاب للسلطة باطل ومحرم وغير مشروع، ولا شرعية لنظام لا تختاره الأمة عن طريق التعددية والتنافس المشروع، وقد تنافس الستة الذين رشحتهم الأمة لعمر رضي الله عنه، وكان الحكم والفيصل بينهم إرادة الأمة آنذاك حتى قال عبد الرحمن بن عوف وقد استشار الناس ثلاثة أيام حتى سأل النساء في خدورهن في شأن عثمان وعلي، ما جاء عَنِ الزُّهْرِيِّ، أَنَّ حُمَيْدَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَخْبَرَهُ أَنَّ المِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ أَخْبَرَهُ، أَنَّ الرَّهْطَ الَّذِينَ وَلَّاهُمْ عُمَرُ اجْتَمَعُوا فَتَشَاوَرُوا، فَقَالَ لَهُمْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: «لَسْتُ بِالَّذِي أُنَافِسُكُمْ عَلَى هَذَا الأَمْرِ، وَلَكِنَّكُمْ إِنْ شِئْتُمُ اخْتَرْتُ لَكُمْ مِنْكُمْ»،فَجَعَلُوا ذَلِكَ إِلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ، فَلَمَّا وَلَّوْا عَبْدَ الرَّحْمَنِ أَمْرَهُمْ، فَمَالَ النَّاسُ عَلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ، حَتَّى مَا أَرَى أَحَدًا مِنَ النَّاسِ يَتْبَعُ أُولَئِكَ الرَّهْطَ وَلاَ يَطَأُ عَقِبَهُ، وَمَالَ النَّاسُ عَلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ يُشَاوِرُونَهُ تِلْكَ اللَّيَالِي، حَتَّى إِذَا كَانَتِ اللَّيْلَةُ الَّتِي أَصْبَحْنَا مِنْهَا فَبَايَعْنَا عُثْمَانَ، قَالَ المِسْوَرُ: طَرَقَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بَعْدَ هَجْعٍ مِنَ اللَّيْلِ، فَضَرَبَ البَابَ حَتَّى اسْتَيْقَظْتُ، فَقَالَ: «أَرَاكَ نَائِمًا فَوَاللَّهِ مَا اكْتَحَلْتُ هَذِهِ اللَّيْلَةَ بِكَبِيرِ نَوْمٍ، انْطَلِقْ فَادْعُ الزُّبَيْرَ وَسَعْدًا»،فَدَعَوْتُهُمَا لَهُ، فَشَاوَرَهُمَا، ثُمَّ دَعَانِي، فَقَالَ: «ادْعُ لِي عَلِيًّا»،فَدَعَوْتُهُ، فَنَاجَاهُ حَتَّى ابْهَارَّ اللَّيْلُ، ثُمَّ قَامَ عَلِيٌّ مِنْ عِنْدِهِ وَهُوَ عَلَى طَمَعٍ، وَقَدْ كَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ يَخْشَى مِنْ عَلِيٍّ شَيْئًا، ثُمَّ قَالَ: «ادْعُ لِي عُثْمَانَ»،فَدَعَوْتُهُ، فَنَاجَاهُ حَتَّى فَرَّقَ بَيْنَهُمَا المُؤَذِّنُ بِالصُّبْحِ، فَلَمَّا صَلَّى لِلنَّاسِ الصُّبْحَ، وَاجْتَمَعَ أُولَئِكَ الرَّهْطُ عِنْدَ المِنْبَرِ، فَأَرْسَلَ إِلَى مَنْ كَانَ حَاضِرًا مِنَ المُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ، وَأَرْسَلَ إِلَى أُمَرَاءِ الأَجْنَادِ، وَكَانُوا وَافَوْا تِلْكَ الحَجَّةَ