الأمر الواقع، فينفذ من أحكامها ما وافق الحق والعدل وحقق المصلحة، وإنما إذا قامت حكومة إسلامية في بلد من بلدان المسلمين، باختيار أهل ذلك البلد وشوكتهم، فولايتها عليهم ولاية قاصرة على أهل ذلك البلد ومستمدة منهم، وهي ولاية عرفية أو سياسية تعاقدية، وهي أشبه بإمارة السفر كما في الحديث عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ قَالَ: قَالَ عُمَرُ: «إِذَا كَانَ نَفَرٌ ثَلَاثٌ فَلْيُؤَمِّرُوا أَحَدَهُمْ، ذَاكَ أَمِيرٌ أَمَّرَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -» (?)
وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: «إِذَا كُنْتُمْ ثَلَاثَةً فِي سَفَرٍ، فَأَمِّرُوا أَحَدُكُمْ، وَلَا يُنَاجِ الرَّجُلُ الرَّجُلَ دُونَ صَاحِبِهِ» (?)
فيجب على أهل ذلك البلد إعانتها على القيام بالواجبات الشرعية، والمصالح السياسية، والوفاء لها بما ولوها من ولاية، وطاعتها بالمعروف، ولا تعد تلك الحكومة خلافة شرعية، في حال عجزها عن تحرير وتوحيد الأمة كلها أو أكثرها، وفي حال عجزها عن نفوذ إرادتها على الأمة أو أكثرها، لأن الخلافة شأن عام للأمة كلها أو أكثرها، لا يفتأت عليها فيه أحد، إلا من استطاع تحريرها وتوحيدها، أو من بايعته الأمة أو أكثرها على إمامته السياسية ونفوذ ولايته عليها.
وهو الشَرَك الذي وقعت فيه بعض الحركات الإصلاحية، فانشغلت في موضوع الحكم على الأنظمة بالكفر أو عدمه، وأضاعت وقتها في جدل عقيم، دون أن تغير من واقعها السياسي شيئا، مع أن مقصود الشارع أصلا هو تغيير المنكر، وتحقيق الإصلاح، سواء وصمت هذه الأنظمة بالكفر أو عدمه، فالواجب إزالة المنكر والجور والجائر سواء قيل بأنه مسلم أو كافر.
وقد أفضى جدل بعض الحركات حول هذه القضية، أن صار من يحكم بإسلام هذه الأنظمة يشاركها فيما هي فيه، ويرى بأن لها ولاية شرعية ليس عليه وحده فحسب، بل