فدل على أنه لا بيعة إلا لخليفة واحد للأمة، وجاء في الصحيح عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: «إِذَا بُويِعَ لِخَلِيفَتَيْنِ، فَاقْتُلُوا الْآخَرَ مِنْهُمَا». (?)
ولهذا اعتزل أكثر الصحابة في الفتنة، عن بشر بْنِ حَرْبٍ الْعَبْدِيِّ، قَالَ: كُنْتُ جَلِيسًا لِعَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ زَمَنَ ابْنِ الزُّبَيْرِ، وَفِي طَاعَةِ ابْنِ الزُّبَيْرِ رُءُوسُ الْخَوَارِجِ نَافِعُ بْنُ الْأَزْرَقِ وَعَطِيَّةُ بْنُ الْأَسْوَدِ وَنَجْدَةُ فَبَعَثُوا أَوْ بَعْضُهُمْ شَابًّا إِلَى عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ: مَا يَمْنَعُكَ أَنْ تُبَايِعَ لِعَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ؟ فَرَأَيْتُهُ حِينَ مَدَّ يَدَهُ وَهِيَ تَرْجُفُ مِنَ الضَّعْفِ، فَقَالَ:" وَاللهِ مَا كُنْتُ لِأُعْطِيَ بَيْعَتِي فِي فُرْقَةٍ، وَلَا أَمْنَعُهَا مِنْ جَمَاعَةٍ " (?).
وعَنْ بِشْرِ بْنِ حَرْبٍ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ، أَتَى أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ، فَقَالَ: يَا أَبَا سَعِيدٍ، أَلَمْ أُخْبَرْ أَنَّكَ بَايَعْتَ أَمِيرَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَجْتَمِعَ النَّاسُ عَلَى أَمِيرٍ وَاحِدٍ؟ قَالَ: نَعَمْ، بَايَعْتُ ابْنَ الزُّبَيْرِ، فَجَاءَ أَهْلُ الشَّامِ، فَسَاقُونِي إِلَى حُبَيْشِ بْنِ دَلَجَةَ فَبَايَعْتُهُ، فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: إِيَّاهَا كُنْتُ أَخَافُ، إِيَّاهَا كُنْتُ أَخَافُ - وَمَدَّ بِهَا حَمَّادٌ صَوْتَهُ - قَالَ أَبُو سَعِيدٍ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَوَلَمْ تَسْمَعْ أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ:" مَنْ اسْتَطَاعَ أَنْ لَا يَنَامَ نَوْمًا، وَلَا يُصْبِحَ صَبَاحًا، وَلَا يُمْسِيَ مَسَاءً إِلَّا وَعَلَيْهِ أَمِيرٌ "؟ قَالَ: نَعَمْ، وَلَكِنِّي أَكْرَهُ أَنْ أُبَايِعَ أَمِيرَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَجْتَمِعَ النَّاسُ عَلَى أَمِيرٍ وَاحِدٍ" (?)
ويؤكده الحديث الصحيح عن بُسْرَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ الحَضْرَمِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو إِدْرِيسَ الخَوْلاَنِيُّ، أَنَّهُ سَمِعَ حُذَيْفَةَ بْنَ اليَمَانِ يَقُولُ: كَانَ النَّاسُ يَسْأَلُونَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ الخَيْرِ، وَكُنْتُ أَسْأَلُهُ عَنِ الشَّرِّ مَخَافَةَ أَنْ يُدْرِكَنِي، فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا كُنَّا فِي جَاهِلِيَّةٍ وَشَرٍّ، فَجَاءَنَا اللَّهُ بِهَذَا الخَيْرِ، فَهَلْ بَعْدَ هَذَا الخَيْرِ مِنْ شَرٍّ؟ قَالَ: «نَعَمْ» قُلْتُ: وَهَلْ بَعْدَ ذَلِكَ