المبحث السابع عشر
نظرات شرعية في النظم الدستورية والأنظمة الجمهورية
وموقف الشيخين أحمد شاكر وعبد الرحمن السعدي
جاء في الحديث الصحيح عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: قَالَ حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، سَمِعْتُ مُعَاوِيَةَ، خَطِيبًا يَقُولُ سَمِعْتُ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: «مَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ، وَإِنَّمَا أَنَا قَاسِمٌ وَاللَّهُ يُعْطِي، وَلَنْ تَزَالَ هَذِهِ الأُمَّةُ قَائِمَةً عَلَى أَمْرِ اللَّهِ، لاَ يَضُرُّهُمْ مَنْ خَالَفَهُمْ، حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللَّهِ» (?)
والمراد بالفقه في الدين هنا ليس المعنى العرفي الاصطلاحي الشائع وهو معرفة الأحكام الفرعية، بل المقصود به هنا الفهم عن الله وعن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرادهما في كل ما جاء عنهما سواء في أصول الدين وكلياته، أو فروعه وجزئياته، والقدرة على تحري الحق والصواب فيما أشكل من النوازل، كما قال تعالى: {يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ} [البقرة:269].
وإنما ضل من ضل من هذه الأمة بسبب الإعراض عن تدبر القرآن وهداياته، في كل باب، وعن الإعراض عن السنة وتدبرها، والعمل بها في كل شئون الحياة، ومن ذلك معرفة الغايات الكلية للخطاب السياسي القرآني والنبوي، ومراعاة المقاصد في هذا الباب!
هذا وإن للدعوة للإصلاح عامة، والإصلاح السياسي خاصة، أصولا وقواعد يجب على الدعاة للإصلاح مراعاتها ومعرفة أحكامها، حتى يؤتوا الحكمة فيها، ويوفقوا للصواب فيما أشكل منها، ومن ذلك:
أن يعرف المصلح السياسي تفاصيل ما يلي:
1 - واقع المجتمع الذي يعيش فيه وإشكالاته ونوازله وكيفية علاجها.