في بعض دوله في مدة واحدة مائة ألف سجين، وقام فيه دعاة للطواغيت من بني جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا، يدعون إلى أبواب جهنم!
قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري شرح صحيح البخاري قَوله:"هُم مِن جِلدَتِنا"؛أَي مِن قَومِنا ومِن أَهل لِساننا ومِلَّتنا، وفِيهِ إِشارَة إِلَى أَنَّهُم مِنَ العَرَب.
وقالَ الدّاوُدِيُّ: أَي مِن بَنِي آدَم. وقالَ القابِسِيّ: مَعناهُ أَنَّهُم فِي الظّاهِر عَلَى مِلَّتنا وفِي الباطِن مُخالِفُونَ.
وقَولُه:"وأَنتَ عَلَى ذَلِكَ أَي العَضّ"،وهُو كِنايَة عَن لُزُوم جَماعَة المُسلِمِينَ وطاعَة سَلاطِينهم ولَو عَصَوا. قالَ البَيضاوِيّ: المَعنَى إِذا لَم يَكُن فِي الأَرض خَلِيفَة فَعَلَيك بِالعُزلَةِ والصَّبر عَلَى تَحَمُّل شِدَّة الزَّمان " .. (?)
رابعا: ثم ستزول هذه الأنظمة، لتعود من جديد خلافة على نهج النبوة، وستعود وحدة الأمة من جديد، وتعود أحكام الشريعة من جديد بالعدل والقسط والرحمة والعلم، وتعود للأمة حريتها وخلافتها في الأرض من جديد، كما بشر بذلك النبي - صلى الله عليه وسلم -،وكما تشهد به إرهاصات الواقع المعاصر، وما ذلك على الله بعزيز، إلا إن الإصلاح لن يحدث فجأة، كما أن الانحراف لم يحدث فجأة، بل على مراحل كما هي سنن الله التي لا تتخلف، وكما أخبر بذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الصحيح عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «إِنَّ الْإِسْلَامَ بَدَأَ غَرِيبًا وَسَيَعُودُ غَرِيبًا كَمَا بَدَأَ .. » (?)
وكما في الحديث الآخر عَنْ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -:" لَا يَلْبَثُ الْجَوْرُ بَعْدِي إِلَّا قَلِيلًا حَتَّى يَطْلُعَ، فَكُلَّمَا طَلَعَ مِنَ الْجَوْرِ شَيْءٌ ذَهَبَ مِنَ الْعَدْلِ مِثْلُهُ، حَتَّى يُولَدَ فِي الْجَوْرِ مَنْ لَا يَعْرِفُ غَيْرَهُ، ثُمَّ يَأْتِي اللهُ بِالْعَدْلِ، فَكُلَّمَا جَاءَ مِنَ الْعَدْلِ شَيْءٌ، ذَهَبَ مِنَ الْجَوْرِ مِثْلُهُ، حَتَّى يُولَدَ فِي الْعَدْلِ مَنْ لَا يَعْرِفُ غَيْرَهُ " (?)
ـــــــــ