حَتَّى يَكُونُوا أَعْوَانًا لَهُ عَلَى مَنِ امْتَنَعَ مِنْ قَبُولِ أَحْكَامِهِ لَكَانَ قَضَاؤُهُ نَافِذًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وِلَايَةٌ مِنْ جِهَةِ إِمَامٍ وَلَا سُلْطَانٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ." (?)
وقال الشوكاني:" وَقَدِ اسْتَدَلَّ بِهَذِهِ الْآيَةِ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ الْإِمَامَ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مِنْ أَهْلِ الْعَدْلِ وَالْعَمَلِ بِالشَّرْعِ كَمَا وَرَدَ، لِأَنَّهُ إِذَا زَاغَ عَنْ ذَلِكَ كَانَ ظَالِمًا. وَيُمْكِنُ أَنْ يُنْظَرَ إِلَى مَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ اسْمُ الْعَهْدِ، وَمَا تُفِيدُهُ الْإِضَافَةُ مِنَ الْعُمُومِ، فَيَشْمَلُ جَمِيعَ ذَلِكَ اعْتِبَارًا بِعُمُومِ اللَّفْظِ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ إِلَى السَّبَبِ وَلَا إِلَى السِّيَاقِ، فَيُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى اشْتِرَاطِ السَّلَامَةِ مِنْ وَصْفِ الظُّلْمِ فِي كُلِّ مَنْ تَعَلَّقَ بِالْأُمُورِ الدِّينِيَّةِ." (?)
وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: وَقَالُوا فِي هَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْفَاسِقَ لَا يَصْلُحُ لِلْإِمَامَةِ، وَكَيْفَ يَصْلُحُ لَهَا مَنْ لَا يَجُوزُ حُكْمُهُ وَلَا شَهَادَتُهُ، وَلَا تَجِبُ طَاعَتُهُ، وَلَا يُقْبَلُ خَبَرُهُ، وَلَا يُقَدَّمُ لِلصَّلَاةِ؟ وَكَانَ أَبُو حَنِيفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يُفْتِي سِرًّا بِوُجُوبِ نُصْرَةِ زَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ، وَحَمْلِ الْمَالِ إِلَيْهِ، وَالْخُرُوجِ مَعَهُ عَلَى اللِّصِّ الْمُتَغَلِّبِ الْمُتَّسَمَّى بِالْإِمَامِ وَالْخَلِيفَةِ، كَالدَّوَانِيقِيِّ وَأَشْبَاهِهِ.
وَقَالَتْ لَهُ امْرَأَةٌ: أَشَرْتَ عَلَى ابْنِي بِالْخُرُوجِ مَعَ إِبْرَاهِيمَ وَمُحَمَّدٍ، ابْنَيْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحُسَيْنِ، حَتَّى قُتِلَ فَقَالَ: لَيْتَنِي مَكَانَ ابْنِكِ. وَكَانَ يَقُولُ فِي الْمَنْصُورِ وَأَشْيَاعِهِ: لَوْ أَرَادُوا بِنَاءَ مَسْجِدٍ، وَأَرَادُونِي عَلَى عَدِّ آجُرِّهِ لَمَا فَعَلْتُ. وَعَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ: لَا يَكُونُ الظَّالِمُ إِمَامًا قَطُّ. وَكَيْفَ يَجُوزُ نَصْبُ الظَّالِمِ لِلْإِمَامَةِ، وَالْإِمَامُ إِنَّمَا هُوَ لِكَفِّ الْمَظْلَمَةِ؟ فَإِذَا نُصِّبَ مَنْ كَانَ ظَالِمًا فِي نَفْسِهِ، فَقَدْ جَاءَ الْمَثَلُ السَّائِرُ: مَنِ اسْتَرْعَى الذِّئْبَ فَقَدْ ظَلَمَ. انْتَهَى كَلَامُهُ. (?)
وقال ابن خويز منداد المالكي: الظَّالِم لَا يَصْلُح أَنْ يَكُون خَلِيفَة وَلَا حَاكِمًا وَلَا مُفْتِيًا وَلَا شَاهِدًا وَلَا رَاوِيًا. (?)