وعَنْ رَاشِدِ بْنِ حُبَيْشٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - دَخَلَ عَلَى عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ يَعُودُهُ فِي مَرَضِهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -:" أَتَعْلَمُونَ مَنِ الشَّهِيدُ مِنْ أُمَّتِي؟ " فَأَرَمَّ الْقَوْمُ، فَقَالَ عُبَادَةُ: سَانِدُونِي، فَأَسْنَدُوهُ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، الصَّابِرُ الْمُحْتَسِبُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -:" إِنَّ شُهَدَاءَ أُمَّتِي إِذًا لَقَلِيلٌ: الْقَتْلُ فِي سَبِيلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ شَهَادَةٌ، وَالطَّاعُونُ شَهَادَةٌ، وَالْغَرَقُ شَهَادَةٌ، وَالْبَطْنُ شَهَادَةٌ، وَالنُّفَسَاءُ يَجُرُّهَا وَلَدُهَا بِسُرَرِهِ إِلَى الْجَنَّةِ " قَالَ: وَزَادَ فِيهَا أَبُو الْعَوَّامِ:" سَادِنُ بَيْتِ الْمَقْدِسِ وَالْحَرْقُ، وَالسَّيْلُ " (?)
فهؤلاء ونحوهم يغسلون ويصلَّى عليهم في حكم الدنيا، ويطلق عليهم وصف الشهادة في حكم الآخرة، ولهم ثواب الشهداء.
فتلك بعض أحكامهم إجمالا، وهذه بعض نصوص الفقهاء في تفصيل ذلك:
جاء في رد المحتار في فقه الحنفية: (مَطْلَبٌ فِي تَعْدَادِ الشُّهَدَاءِ (قَوْلُهُ فِي الشَّهِيدِ الْكَامِلِ) وَهُوَ شَهِيدُ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَشَهَادَةُ الدُّنْيَا بِعَدَمِ الْغُسْلِ إلَّا لِنَجَاسَةٍ أَصَابَتْهُ غَيْرَ دَمِهِ كَمَا فِي أَبِي السُّعُودِ، وَشَهَادَةُ الْآخِرَةِ بِنَيْلِ الثَّوَابِ الْمَوْعُودِ لِلشَّهِيدِ أَفَادَهُ فِي الْبَحْرِ ط وَالْمُرَادُ بِشَهِيدِ الْآخِرَةِ مَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا أَوْ قَاتَلَ لِإِعْلَاءِ كَلِمَةِ اللَّهِ - تَعَالَى - حَتَّى قُتِلَ فَلَوْ قَاتَلَ لِغَرَضٍ دُنْيَوِيٍّ فَهُوَ شَهِيدُ دُنْيَا فَقَطْ تَجْرِي عَلَيْهِ أَحْكَامُ الشَّهِيدِ فِي الدُّنْيَا، وَعَلَيْهِ فَالشُّهَدَاءُ ثَلَاثَةٌ .. ) (?).
وجاء في كتاب الفقه على المذاهب الأربعة في تعريف الشهيد وأحكامه: ((الحنفية قالوا: الشهيد هو من قتل ظلما سواء قتل في حرب أو قتله باغ أو حربي أو قاطع طريق أو لص ولو كان قتله بسبب غير مباشر، وينقسم إلى ثلاثة أقسام:
الأول: الشهيد الكامل وهو شهيد الدنيا والآخرة ويشترط في تحقق الشهادة الكاملة ستة شروط وهي: العقل والبلوغ والإسلام والطهارة من الحدث وأن يموت عقب الإصابة بحيث لا يأكل ولا يشرب ولا ينام ولا يتداوى ولا ينتقل من مكان الإصابة إلى خيمته أو منزله حيا ...