المبحث الخامس عشر
الأحكام الفقهية لشهداء الحرية والثورات العربية
ما حكم من يُقتل من المتظاهرين في الثورة الشعبية في الدول العربية من أجل العدل والحرية؟
وهل يصدق عليهم أنهم شهداء أم لا؟
وهل هذه الثورة شرعية أم ثورة دنيوية؟
فليس في أفعال المكلفين عامة ما هو خارج عن الشريعة وأحكامها، فكل فعل يصدر عن فرد أو جماعة أو دولة له حكم شرعي بالحل أو التحريم أو الإيجاب، وهذا بإجماع علماء الأمة من الفقهاء والأصوليين على اختلاف مذاهبهم، واستدل له الشافعي في الرسالة بقوله تعالى: {أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى} [القيامة:36]،أي لا يؤمر ولا ينهى!
وكما قال تعالى {يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ (6) فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (8)} (سورة الزلزلة)!
وبناء عليه فهذه الثورة التي قامت - أو ستقوم - بها الشعوب في العالم العربي إما أنها مشروعة سواء كانت واجبة أو مباحة، أو أنها محرمة غير مشروعة، ولا حكم غير هذين الحكمين العامين، فمن قال بأنها ثورة من أجل الدنيا لا من أجل الدين! قيل له: هل الثورة من أجل الدنيا مشروعة أم غير مشروعة؟ ووصفها بأنها دنيوية لا يخرجها عن دائرة الأحكام الشرعية، فإن كانت مشروعة فهي ثورة دنيوية شرعية، وإن كانت غير مشروعة فهي ثورة دنيوية محرمة غير شرعية!
ولا يوجد في الإسلام فصل في الأحكام بين ما هو ديني وما هو دنيوي، بل هذه هي النصرانية التي ترفع شعار (دع ما لله لله وما لقيصر لقيصر) (?)،وتفرعت عنها العلمانية