فَهُوَ قِسْمٌ ثَالِثٌ. وَبَحَثَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ لَوْ عُلِمَ مِنْهُ ذَلِكَ وَجَبَ فِيهِ الْغُسْلُ، وَالصَّلَاةُ كَغَيْرِ الشَّهِيدِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (كَالْغَرِيقِ) أَيْ وَإِنْ عَصَى فِيهِ بِنَحْوِ شُرْبِ خَمْرٍ. نَعَمْ يُسْتَثْنَى مِنْهُ مَنْ غَرَقَ بِسَيْرِ سَفِينَتِهِ وَفِي وَقْتِ هَيَجَانِ الْأَمْوَاجِ. قَوْلُهُ: (وَالْمَطْعُونِ) أَيْ الْمَيِّتُ بِالطَّاعُونِ وَلَوْ فِي غَيْرِ زَمَنِهِ، أَوْ بِغَيْرِهِ فِي زَمَنِهِ، أَوْ بَعْدَ زَمَنِهِ حَيْثُ كَانَ فِيهِ صَابِرًا مُحْتَسِبًا .....
(وَالْمَيِّتِ عِشْقًا) أَيْ وَلَمْ يَتَسَبَّبْ فِيهِ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ، وَلَمْ يَرْتَضِهِ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ، وَسَوَاءٌ كَانَ لِمَنْ يَحْرُمُ عِشْقُهُ كَالْمُرْدِ أَوْ لَا، وَشَرْطُهُ أَنْ يَكْتُمَ وَيَعِفَّ عَمَّا يَحْرُمُ وَلَوْ بِنَحْوِ نَظَرٍ. قَوْلُهُ: (وَالْمَيِّتَةِ طَلْقًا) وَلَوْ مِنْ زِنًى مَا لَمْ تَتَسَبَّبْ فِي الْإِجْهَاضِ. قَوْلُهُ: (وَالْمَقْتُولُ ظُلْمًا) وَلَوْ بِحَسَبِ الْهَيْئَةِ كَمَا قِيلَ، وَمِنْ هَذَا الْقِسْمِ مَنْ مَاتَ فِي غُرْبَةٍ أَوْ بِهَدْمٍ أَوْ فِي طَلَبِ الْعِلْمِ. وَالْحَاصِلُ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: أَنَّهُ إنْ كَانَ سَبَبُ الْمَوْتِ مَعْصِيَةً كَشَرْقٍ بِشُرْبِ خَمْرٍ، أَوْ رُكُوبِ بَحْرٍ لِشُرْبِهِ، أَوْ تَسْيِيرِ سَفِينَةٍ فِي وَقْتِ رِيحٍ عَاصِفٍ كَمَا مَرَّ، أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ فَغَيْرُ شَهِيدٍ، وَإِلَّا فَشَهِيدٌ وَلَا يَضُرُّ مُقَارَنَةُ مَعْصِيَةٍ لَيْسَتْ سَبَبًا كَزِنًى وَنُشُوزٍ، وَإِبَاقٍ وَشُرْبِ خَمْرٍ كَرَاكِبِ سَفِينَةٍ لِغَيْرِ شُرْبِهِ فَتَأَمَّلْ" (?).
فهنا نص الشافعية على أن قتيل المعركة شهيد، سواء قتل في معركة مع عدو كافر خارجي، أو بيد عدو داخلي ثبتت ردته وكفره، كحال طغاة العرب اليوم!
وقال في مطالب أولي النهى في فقه الحنابلة: (سِوَى (مَقْتُولٍ ظُلْمًا) كَمَنْ قَتَلَهُ نَحْوُ لِصٍّ أَوْ أُرِيدَ مِنْهُ الْكُفْرُ، فَقُتِلَ دُونَهُ، أَوْ أُرِيدَ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ مَالِهِ أَوْ حُرْمَتِهِ فَقَاتَلَ دُونَ ذَلِكَ فَقُتِلَ لِحَدِيثِ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ مَرْفُوعًا " «مَنْ قُتِلَ دُونَ دِينِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ، وَمَنْ قُتِلَ دُونَ دَمِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ، وَمَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ، وَمَنْ قُتِلَ دُونَ أَهْلِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ.
وَلِأَنَّهُمْ مَقْتُولُونَ بِغَيْرِ حَقٍّ أَشْبَهُوا قَتْلَى الْكُفَّارِ فَلَا يُغَسَّلُونَ، بِخِلَافِ نَحْوِ الْمَبْطُونِ وَالْمَطْعُونِ وَالْغَرِيقِ وَنَحْوِهِمْ (وَلَوْ) كَانَ شَهِيدُ مَعْرَكَةٍ وَمَقْتُولٌ ظُلْمًا ") (?).