فَتَأَخَّرَ الْخَلْقُ كُلُّهُمْ. وَثَبَتَ أَتْبَاعُ الْحَبِيبِ فِي أَفْعَالِهِ وَأَقْوَالِهِ وَأَخْلَاقِهِ. فَطُولِبُوا بِعَدَالَةِ الْبَيِّنَةِ بِتَزْكِيَةِ {يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ} [المائدة:54].

فَتَأَخَّرَ أَكْثَرُ الْمُحِبِّينَ وَقَامَ الْمُجَاهِدُونَ، فَقِيلَ لَهُمْ: إِنَّ نُفُوسَ الْمُحِبِّينَ وَأَمْوَالَهُمْ لَيْسَتْ لَهُمْ. فَهَلُمُّوا إِلَى بَيْعَةِ {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ} [التوبة:111].

فَلَمَّا عَرَفُوا عَظَمَةَ الْمُشْتَرِي، وَفَضْلَ الثَّمَنِ، وَجَلَالَةَ مَنْ جَرَى عَلَى يَدَيْهِ عَقْدُ التَّبَايُعِ: عَرَفُوا قَدْرَ السِّلْعَةِ، وَأَنَّ لَهَا شَأْنًا. فَرَأَوْا مِنْ أَعْظَمِ الْغَبْنِ أَنْ يَبِيعُوهَا لِغَيْرِهِ بِثَمَنٍ بَخْسٍ. فَعَقَدُوا مَعَهُ بَيْعَةَ الرِّضْوَانِ بِالتَّرَاضِي، مِنْ غَيْرِ ثُبُوتِ خِيَارٍ. وَقَالُوا: وَاللَّهِ لَا نُقِيلُكَ وَلَا نَسْتَقِيلُكَ.

فَلَمَّا تَمَّ الْعَقْدُ وَسَلَّمُوا الْمَبِيعَ، قِيلَ لَهُمْ: مُذْ صَارَتْ نُفُوسُكُمْ وَأَمْوَالُكُمْ لَنَا رَدَدْنَاهَا عَلَيْكُمْ أَوْفَرَ مَا كَانَتْ، وَأَضْعَافَهَا مَعًا {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ - فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} [آل عمران:169 - 170]." (?)

- - - - - - - - - - -

طور بواسطة نورين ميديا © 2015