وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ1: يُورَثُ عَنْهُ مَا اكْتَسَبَ قَبْلَ الرِّدَّةِ وَبَعْدَهَا، فَإِذَا لَحِقَ الْمُرْتَدُّ بِدَارِ الْحَرْبِ كَانَ مَالُهُ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ مَوْقُوفًا عَلَيْهِ، فَإِنْ عَادَ إلَى الْإِسْلَامِ أُعِيدَ عَلَيْهِ، وَإِنْ هَلَكَ عَلَى الرِّدَّةِ صَارَ فَيْئًا.

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: أَحْكُمُ بِمَوْتِهِ إذَا صَارَ إلَى دَارِ الْحَرْبِ، وَأُقَسِّمُ مَالَهُ بَيْنَ وَرَثَتِهِ، فَإِنْ عَادَ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ اسْتَرْجَعْتُ مَا بَقِيَ فِي أَيْدِيهِمْ مِنْ مَالِهِ، وَلَمْ أُغَرِّمْهُمْ مَا اسْتَهْلَكُوهُ، فَهَذَا حُكْمُ الْمُرْتَدِّينَ إذَا لَمْ يَنْحَازُوا إلَى دَارٍ وَكَانُوا شُذَّاذًا بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ.

وَالْحَالَةُ الثَّانِيَةُ: أَنْ يَنْحَازُوا إلَى دَارٍ يَنْفَرِدُونَ بِهَا عَنِ الْمُسْلِمِينَ حَتَّى يَصِيرُوا فِيهَا مُمْتَنِعِينَ، فَيَجِبُ قِتَالُهُمْ عَلَى الرِّدَّةِ بَعْدَ مُنَاظَرَتِهِمْ عَلَى الْإِسْلَامِ وَإِيضَاحِ دَلَائِلِهِ، وَيَجْرِي عَلَى قِتَالِهِمْ بَعْدَ الْإِنْذَارِ وَالْإِعْذَارِ حُكْمُ قِتَالِ أَهْلِ الْحَرْبِ فِي قِتَالِهِمْ غُرَّةً وَبَيَانًا، وَمُصَافَّتِهِمْ فِي الْحَرْبِ جِهَارًا، وَقِتَالِهِمْ مُقْبِلِينَ وَمُدْبِرِينَ.

وَمَنْ أُسِرَ مِنْهُمْ جَازَ قَتْلُهُ صَبْرًا إنْ لَمْ يَتُبْ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُسْتَرَقَّ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ -رَحِمَهُ اللَّهُ، وَإِذَا ظَهَرَ عَلَيْهِمْ لَمْ تُسْبَ ذَرَارِيُّهُمْ، وَسَوَاءٌ مِنْ وُلِدَ مِنْهُمْ فِي الْإِسْلَامِ أَوْ بَعْدَ الرِّدَّةِ، وَقِيلَ: إنَّ مَنْ وُلِدَ مِنْهُمْ بَعْدَ الرِّدَّةِ جَازَ سَبْيُهُ.

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: يَجُوزُ سَبْيُ مَنِ ارْتَدَّ مِنْ نِسَائِهِمْ إذَا لَحِقْنَ بِدَارِ الْحَرْبِ؛ وَإِذَا غُنِمَتْ أَمْوَالُهُمْ لَمْ تُقَسَّمْ فِي الْغَانِمِينَ، وَكَانَ مَالُ مَنْ قُتِلَ مِنْهَا فَيْئًا وَمَالُ الْأَحْيَاءِ مَوْقُوفًا، إنْ أَسْلَمُوا رُدَّ عَلَيْهِمْ، وَإِنْ هَلَكُوا عَلَى رِدَّتِهِمْ صَارَ فَيْئًا، وَمَا أَشْكَلَ أَرْبَابُهُ مِنَ الْأَمْوَالِ الْمَغْنُومَةِ صَارَ فَيْئًا إذَا وَقَعَ الْإِيَاسُ مِنْ مَعْرِفَتِهِمْ، وَمَا اسْتَهْلَكَهُ الْمُسْلِمُونَ عَلَيْهِمْ فِي نَائِرَةِ الْحَرْبِ لَمْ يُضْمَنْ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015