السَّرِيعِ:
رَكْضًا إلَى اللَّهِ بِغَيْرِ زَادِ ... إلَّا التُّقَى وَعَمَلِ الْمَعَادِ
وَالصَّبْرِ فِي اللَّهِ عَلَى الْجِهَادِ ... وَكُلُّ زَادٍ عُرْضَةُ النَّفَادِ
غَيْرَ التُّقَى وَالْبِرِّ وَالرَّشَادِ
وَيَجُوزُ لِلْمُسْلِمِ أَنْ يَقْتُلَ مَنْ ظَفِرَ بِهِ مِنْ مُقَاتِلَةِ الْمُشْرِكِينَ مُحَارِبًا وَغَيْرَ مُحَارِبٍ، وَاخْتُلِفَ فِي قَتْلِ شُيُوخِهِمْ وَرُهْبَانِهِمْ مِنْ سُكَّانِ الصَّوَامِعِ وَالْأَدْيِرَةِ، فَأَحَدُ الْقَوْلَيْنِ فِيهِمْ: إنَّهُمْ لَا يُقْتَلُونَ حَتَّى يُقَاتِلُوا؛ لِأَنَّهُمْ مُوَادِعُونَ كَالذَّرَارِيِّ.
وَالثَّانِي: يُقْتَلُونَ وَإِنْ لَمْ يُقَاتِلُوا؛ لِأَنَّهُمْ رُبَّمَا أَشَارُوا بِرَأْيٍ هُوَ أَنْكَى لِلْمُسْلِمِينَ مِنَ الْقِتَالِ، وَقَدْ قُتِلَ دُرَيْدُ بْنُ الصِّمَّةِ1 فِي حَرْبِ هَوَازِنَ وَهُوَ يَوْمُ حُنَيْنٍ، وَقَدْ جَاوَزَ مِائَةَ سَنَةٍ مِنْ عُمْرِهِ وَرَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَرَاهُ فَلَمْ يُنْكِرْ قَتْلَهُ، وَكَانَ يَقُولُ حَيْثُ قُتِلَ "مِنَ الطَّوِيلِ":
أَمَرْتُهُمْ أَمْرِي بِمُنْعَرَجِ اللِّوَى ... يَسْتَبْيِنُوا الرُّشْدَ إلَّا ضُحَى الْغَدِ
فَلَمَّا عَصَوْنِي كُنْتُ مِنْهُمْ وَقَدْ أَرَى ... غَوَايَتَهُمْ وَأَنَّنِي غَيْرُ مُهْتَدِ
وَلَا يَجُوزُ قَتْلُ النِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ فِي حَرْبٍ وَلَا فِي غَيْرِهَا مَا لَمْ يُقَاتِلُوا؛ لِنَهْيِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنْ قَتْلِهِمْ. وَنَهَى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنْ قَتْلِ الْعُسَفَاءِ وَالْوُصَفَاءِ2.
وَالْعُسَفَاءُ: الْمُسْتَخْدَمُونَ.
وَالْوُصَفَاءُ: الْمَمَالِيكُ، فَإِنْ قَاتَلَ النِّسَاءُ وَالْوِلْدَانُ قُوتِلُوا وَقُتِلُوا مُقْبِلِينَ وَلَا يُقْتَلُوا مُدْبِرِينَ.
وَإِذَا تَتَرَّسُوا فِي الْحَرْبِ بِنِسَائِهِمْ وَأَطْفَالِهِمْ عِنْدَ قَتْلِهِمْ يَتَوَقَّى قَتْلُ النِّسَاءِ وَالْأَطْفَالِ، فَإِنْ لَمْ يُوصَلْ إلَى قَتْلِهِمْ إلَّا بِقَتْلِ النِّسَاءِ وَالْأَطْفَالِ جَازَ.